وكيف يمكن للعالم أن يصدق الشعارات البراقة التي تطرحها الادارة الأميركية لتغيير (الشرق الأوسط الكبير) ونشر العدالة والديمقراطية والحرية في ربوعه في الوقت الذي تدافع فيه عن انتهاك اسرائيل لقرار أعلى محكمة دولية في العالم?!
بالتأكيد لن تجد هذه الشعارات آذاناً مصغية في العالم لأن العالم كله رحّب بانتصار محكمة لاهاي لمبادئ الحق والعدالة والقانون باستثناء واشنطن وتل أبيب اللتين رفضتا القرار ووقفتا ضده وتذرعتا زوراً وبهتاناً بعدم اختصاص المحكمة المذكورة للنظر في قضية الجدار العنصري في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة, فانطبق عليهما المثل القائل: فاقد الشيء لا يعطيه!
ولعل المفارقة الصارخة في الموقفين الأميركي والاسرائيلي ان الطرفين لم يناقشا مبادئ القانون الدولي التي استندت إليها محكمة لاهاي في اصدار قرارها بل شرعا بالطعن بالقرار واعتباره سياسياً, وكيل التهم لقضاة المحكمة باعتبارهم منحازين للقضايا العربية.
لقد فتحت محكمة العدل الدولية في لاهاي المجال امام الدول العربية من اجل تحويل هذا القرار من مجرد استشارة غير ملزمة الى نقطة انطلاق نحو العالم وخصوصاً نحو الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يجبر اسرائيل على هدم هذا الجدار وتعويض الفلسطينيين المتضررين منه, ودعوة حكومات العالم لمعاقبة هذه الأخيرة في حال رفضها الانصياع لقرارات الشرعية الدولية.
ويبقى أن نقول: إن العدالة الدولية قد انتصرت فعلاً عبر اصدار محكمة لاهاي لهذا القرار الشجاع, لكن يبقى الأهم في تعامل العرب معه واستثماره وايجاد فرص النجاح التي تجعل العالم يضغط على إسرائيل لتنفيذه, وتنفيذ بقية القرارات الدولية التي تدوس عليها منذ أكثر من نصف قرن وحتى يومنا.