الأمر الذي يدفع الى إطلاق هذه الأسئلة وسواها,التدفق الكثيف للأخبار والتقارير من مراسلينا في المحافظات, حول أعداد الإصابات في هذه المنطقة أو تلك فقبل أقل من أسبوع نشرنا تقريرا يشير الى بلوغ عدد الاصابات في مدينة بانياس فقط الى ما يزيد على 500 إصابة,ومن قبلها مئات الإصابات في بعض المناطق القريبة من مدينة دمشق, الى جانب تسجيل آلاف الإصابات في أنحاء مختلفة من محافظات القطر.
الإتيان على بعض الأرقام, ليس القصد منه الإشارة الى تقصير جهة بعينها دون غيرها, مثل وزارة الصحة ومديرياتها, الأمر ليس على هذا النحو أبدا, ذلك أن الازياد المتواتر في إصابات اللايشمانيا ليس سببه عدم توافر الكميات الكافية من الأدوية واللقاحات والمراكز الطبية المختصة, وإنما الأمر وثيق الصلة باستحقاق أساسي ما زال على ما يبدو غائبا عن أذهان المعنيين, ويتمثل في قصور برامج وخطط الإصلاح البيئي, فهذا المرض وحسب المعلومات اليومية التي تنشرها المنابر الإعلامية المختلفة, يعود مصدرها,الى انتشار الأوساخ والقاذورات, وعلى وجه التحديد بالقرب من مكبات القمامة وحظائر الماشية والدواجن.
وبهذا المعنى, فالمسؤولية تأخذ صفة التكامل الذي يحتمل التجزيء فهي أولا, مرتبطة بالنشاط الاجتماعي غير الرسمي,وثانيا:هي مسؤولية مرهونة بالدور الذي يمكن أن تلعبه مجالس المدن والبلديات فالمعلومات الرسمية تشير الى أن أعلى نسبة للإصابات تتركز في المناطق القريبة من مكبات القمامة مايستدعي اتخاذ التدابير العاجلة واستنفار الجهود, من أجل نقلها الى أماكن غير مأهولة بالسكان والعمل على معالجتها ضمن أساليب وتقنيات حديثة تضمن التخلص من ذبابة الرمل التي هي مصدر هذا المرض.
ولما كانت القاذورات والأوساخ هي المصدر الأساسي لزحف المرض فذلك لا يعني التوقف عند حدود معالجة مكبات القمامة وإنما يتعين أيضا البحث عن المصادر الأخرى التي تحتمل نقل المرض فأحد الأطباء سبق وأن أكد بأن الأطفال دون الخامسة من العمر أكثر عرضة للإصابة ولأن الأمر كذلك, فهذا الأمر يستدعي القيام بحملات نظافة لكافة المنشآت والأماكن التي يقصدها الأطفال مثل النوادي الصيفية والمسابح وأماكن اللهو, وأيضا ينبغي الكشف على خزانات المياه في المدارس وإجراءالفحوص الدورية لمياه الشرب والتأكد من الصلاحية الفنية لشبكات الصرف الصحي.
مرض(اللايشمانيا)بات هاجسا يؤرق الكثيرين, ولا بد من تفعيل دور المنابر الإعلامية وشحذ همم المنظمات الشعبية,كي ترفع شعارا واحدا(الإصلاح البيئي)فهذا الأخير هو السبيل لمكافحة المرض أو محاصرته على أقل تقدير.!