تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 25/ 11/2004م
محمد خير الجمالي
في ظل المحنة الصعبة التي يعيشها العراق نتيجة للصراع الدامي الذي يدور على أرضه مع قوات الغزو الأجنبي, والتدمير الهائل الذي لحق ببنى الحياة التحتية فيه,

وسقوط عشرات الآلاف من أبنائه ضحايا لحرب خاطئة عليه, باتت المهمة الدولية الملحة هي تخليصه من محنته القاسية ودفعه قدماً نحو مستقبل آمن تنتفي فيه كل عمليات القتل والتدمير والإذلال وانتهاك القانون الدولي, ولايكون معه مكان لوجود عسكري أجنبي, لتمكينه من استعادة حريته واستقلاله التامين.‏

ولهذا الهدف دون غيره جرت اجتماعات ومؤتمرات إقليمية ودولية كثيرة للتشاور وتداول الرأي حول أنجع السبل للوصول إلى ما اصطلح عليه بعراق المستقبل, كان آخرها مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد وانتهى مؤخراً إلى بيان ختامي أكد على الكثير من النقاط ذات الصلة بإنقاذ العراق من مأزقه الخطير ووقف التداعيات الخطيرة التي يحملها هذا المأزق على الأوضاع الإقليمية والدولية,ومن أهم هذه النقاط:‏

- التأكيد على سيادة العراق واستقلاله السياسي ووحدة وسلامة أراضيه.‏

- التشديد على الدور القيادي للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والجامعة العربية في العملية السياسية.‏

- دعم عملية بناء الدولة بهدف دفع المصالحة الوطنية وتحقيق مشاركة أوسع في الانتخابات العامة.‏

- الدعوة لتفادي استخدام القوة المفرطة.‏

- التأكيد على أن ولاية القوة المتعددة الجنسيات في العراق ليست بلا نهاية, وربط وجودها باكتمال العملية السياسية وموافقة حكومة العراق ذات السيادة.‏

إن أي قراءة موضوعية لهذه النقاط وغيرها مما ورد في البيان تؤكد أن الالتزام القاطع بها من جميع الأطراف المعنية ووضعها عنواناً أساسياً للتعامل مع الوضع العراقي, يشكلان شرط صوغ عراق المستقبل, فهذا الهدف الإنساني الكبير لن يكون في قبضة شعب العراق ما لم يتم التسليم بحق هذا الشعب في استقلاله الناجز ووحدته الجغرافية والسياسية وسيادته المطلقة على أرضه وثرواته وماله.‏

ولعلنا نسأل هنا : ما الطريق إلى عراق حر مستقل وموحد أرضاً وشعباً? وفي الجواب نجد أن خطوة البداية على هذا الطريق هي في استعادة العراق دولته المستقلة ببنائها بعيداً عن أي ضغوط وقيود خارجية,وهذا يتحقق فقط عبر إنجاز المصالحة الوطنية بوصفها شرط الوحدة الوطنية التي دونها سيظل بناء الدولة العراقية الحديثة ضرباً من الوهم, وعبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة تجرى في إطار قانون خاص بها يرضي جميع أطياف الشعب العراقي وشرائحه, وتحت إشراف تشترك فيه -بدور قيادي- الأمم المتحدة والجامعة العربية الأولى بصفتها ممثلة للمجتمع الدولي, والثانية بصفتها ممثلة للوطن العربي الذي يشكل العراق جزءاً أساسياً ومهماً منه.‏

وما لايقل أهمية عن هذه الخطوة, هو ضرورة إسنادها أو اقترانها بتحديد نهاية زمنية للوجود العسكري الأجنبي في العراق, فكل إجراءات بناء الدولة والمصالحة والانتخابات وتهدئة الأوضاع والصراع ستذهب أدراج الرياح إن لم تترافق بوعد قاطع يحدد نهاية قريبة للوجود الأجنبي وجدولاً زمنياً لانسحابه, لجهة أن هذا الوعد وحده يبعث الأمل بأن بناء عراق الغد إمكانية قائمة بالفعل, وأن الخطوات التي سيتم قطعها بالمصالحة والانتخابات تشكل نصف المسافة بين البداية والنهاية, فيما النصف الآخر يتحدد بتحرير العراق من هيمنة الوجود الأجنبي,فالسيادة التامة بما تعنيه من حرية وإرادة واستقلال تشكل النقيض الجذري للوجود الأجنبي, ما يعني ضرورة إنهاء هذا الوجود لضمان استعادة السيادة.‏

ومن هذا المنطلق كان محور الموقف السوري حيال الأزمة العراقية وتطوراتها المختلفة بما في ذلك غزو العراق, يدور دوماً حول الربط الدائم بين موضوعي السيادة وانسحاب الغزو, وهذا الأمر هو ما أعاد التأكيد عليه السيد فاروق الشرع وزير الخارجية أمام مؤتمر شرم الشيخ كحل وحيد للأزمة العراقية عندما شدد على أهمية الاستجابة لتطلعات الشعب العراقي والتزام الدول المشاركة بوضع جدول زمني لانسحاب الوجود الأجنبي من العراق.‏

وكل حديث عن ربط هذا الوجود بالاستقرار والأمن وجلب الحرية والديمقراطية وضمان السيادة والاستقلال, لايعدو كونه تسويغاً لبقائه والحيلولة دون بناء عراق المستقبل, فالشعب العراقي صاحب أقدم حضارة قي التاريخ, وأقدم دولة للقانون, يعرف الطريق إلى بناء دولته الواعدة واختيار الديمقراطية المتناسبة مع واقعه وتراثه الوطني والقومي, بقدر ما يعرف ويدرك أن استكمال بناء الدولة على أسس المصالحة الوطنية وانتخابات حرة نزيهة لايستقيم مع استمرار الاحتلال الأجنبي لبلاده وسياسة الإملاء التي يمارسها على هذا الشعب بقصد تنميط حياته وفق النموذج الأميركي الذي عبر عن رفضه بمقاومة الاحتلال الأجنبي.‏

 

 محمد خير الجمالي
محمد خير الجمالي

القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30382
القراءات: 30384
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30387

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية