ونعود إلى جولة السيد رئيس مجلس الوزراء وتأكيده للوزراء والمديرين بأن هناك مشعرات عديدة لتحديد أداء كل مدير ومؤسسة, ومن ثم الوزارة, مشيراً إلى أن أبرزها تنفيذ الخطط الاستثمارية والتي على أساسها ستتم المحاسبة.
بمعنى آخر, لو قدر للمحاسبة أن تأخذ مسارها على أساس تنفيذ الخطة الاستثمارية أو حتى على أساس تنفيذ الخطة الإنتاجية, فكثيرة هي الجهات التي ستواجه المساءلة, ولكن يبدو أن الوقت لم يحن بعد, فالجولة الثانية الموعودة للسيد رئيس مجلس الوزراء التي كان مقرراً لها أن تتم بعد ستة أشهر ما زالت معلقة.
عودة إلى تنفيذ الخطط الاستثمارية التي تعاني في الجهات كافة من التلكؤ ولا يعود السبب لنقص في الاعتمادات, فالقسم الأكبر منها المرصود لبنود الخطة يعود للخزينة, وعندما يطلب مبالغ جديدة لتغطية سرعة الإنجاز يكون الرد بالإيجاب, ولكن هذا نادراً ما يحدث.
إذاً العلة ليست بتوفر السيولة النقدية, وإنما بأمور أخرى منها عدم توفر الكادر الإداري والمالي المؤهل مما يعني مزيداً من الأخطاء في دفاتر الشروط المعدة للعقود, وغالباً ما يضع بباله الدارس وصاحب القرار إمكانية تجاوز العيوب والثغرات بملاحق العقود التي تجاوزت في معظم الأحيان قيمة العقد نفسه, وهذه محافظة دمشق لديها سنوياً أكثر من 40 ملحق عقد.
وحالات القصور في نظام العقود المعمول به لدى الجهات الحكومية عديدة, إن كان لجهة عدد المتقدمين أو الفترة المطلوبة لإعادة الإعلان بعد فشله, أو حتى المدة المطلوبة للإعلان نفسه مهما كان سريعاً وضرورياً كالحاجة لبعض قطع تشغيل آلة طبية اسعافية ترتبط بها أرواح الناس.
وقد يهمس أحدهم قائلاً: لماذا لا يتم شراء مثل تلك القطع مسبقاً لتكون جاهزة حين الطلب? ولكن هل يعلم أحد في الدنيا ما هو عمر كل قطعة في منشأته? وإن علم! فالتطور التقني سيتجاوز عبقريته ويحول تلك القطع إلى خردوات تنفع حينئذ معمل حديد حماة.
وتجدر الإشارة إلى أن المشاريع الإنشائية واجهت خلال الفترة الماضية اختناقات وارتفاعاً بأسعار الحديد والإسمنت, مما يعني الحاجة لتعديل الأسعار وما يتبع ذلك من مدد تأخير وتجاوز الأمر ذلك فيما يتعلق بالنقص الحاد في مادة الإسفلت مما أوقف تنفيذ بعض المشاريع إلى أجل غير مسمى.
ما تقدم ليس تبريراً للقصور في تنفيذ الخطط الاستثمارية, ولكن يمكن القول إن العبرة ليست بنسب تنفيذ الخطط الاستثمارية, وإنما بدقة التنفيذ والتأكد من الجدوى الاقتصادية لأي مبلغ يصرف, وبأنه سيحقق نتائج مضاعفة تعود على الوطن.. فعلى سبيل المثال كثيرة هي مشاريع الري والمصانع التي صرف عليها المليارات, لتبقى صوراً جامدة لأنها أشيدت في المكان غير الصحيح, والأموال التي دفنت حتى الآن بتجديد مشفى المجتهد كافية لإشادة مشفى بالطراز الحديث دون إلحاق الأذى بمراجعي ومرضى أهم مشافي دمشق.