تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 27/7/2004
محمد علي بوظة
كنا نأمل للولايات المتحدة الغارقة في حروب خارج حدودها وعلى بعد آلاف الكيلومترات, إشباعاً لنزعة المحافظين الجدد في إدارتها وطموحاتهم الكونية, ونزولاً عند مشيئة احتكارات النفط والمال والسلاح, وبدفع جامح منها يتجاوب ويتلاقى مع المشروع الصهيوني, أن تستفيد من الدرس العراقي بعد الفضائح الكبيرة وانكشاف الحقائق, وسقوط حملات الكذب والتضليل التي سوقت كمسوغات ومبررات للغزو والاجتياح, والتدخل في هذه المنطقة المضطربة والملتهبة أصلاً واستباحة جزء آخر عزيز وغال منها, وأن يجري تقييم وتصويب السياسات الخاطئة والرجوع عنها بدلاً من العناد وركوب الرأس, والإصرار على المضي في هذا الطريق المحفوف بالمخاطر ودفع الأكلاف.

وكنا وما زلنا نشدد على ضرورة أن يخرج ملف الصراع العربي - الإسرائيلي والقضية الفلسطينية من البازار وسوق المساومات الانتخابية لكلا الحزبين المتنافسين للفوز بمقعد الرئاسة الجمهوري والديمقراطي, لكن الاثنين على ما يبدو وقد ضاق بهما الأفق وضرب الإفلاس أطنابه لديهما, لا يجدان مادة دسمة أو ورقة للمزاودة والكسب غير هذه المسألة الساخنة والعزف على أوتارها, للدخول إلى الفيتو الصهيوني واقتناص أصواته, عبر مقايضة غير شريفة يغدق فيها الدعم وتفتح سقوفه إلى الحدود القصوى, وبتكرار سخي تعرف إسرائيل كيف تغرف منه وتستثمره في خدمة مخططاتها التوسعية وعدوانها المفتوح على العرب وتطاولها الوقح على القانون الدولي. ‏

لقد جاءت تصريحات المرشح الديمقراطي جون كيري الخصم الرئيس لجورج دبليو بوش في السباق نحو البيت الأبيض وتعهداته قبل يومين في حديث لصحيفة /هاأرتس/ الصهيونية بألا يفرض سلاماً من أي نوع على إسرائيل, وبانتهاج سياسة حازمة حيال العرب ومحاسبتهم, بمثابة ضربة جديدة لجهود السلام وإسفين آخر يدق في نعش عمليته, وشكلت غطاء ودعماً إضافياً للمؤسسة العسكرية الصهيونية, يكمل التوجه القائم للإدارة الحالية ويتساوق معه, بل ويزاود عليه ويأخذ بيد حكومة الإرهابي أرييل شارون ويمنحها كذلك الضوء الأخضر والموافقة المفتوحة لمواصلة حرب الإبادة والقتل والتدمير والتصفية والإلغاء للشعب الفلسطيني وتكريس احتلالها للأراضي العربية, في ظرف تواجه فيه هذه الأخيرة مع الشريك الأميركي أزمات حادة وعزلة دولية خانقة, بدا أحد مظاهرها في التصويت الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار يطالب إسرائيل باعتبارها قوة احتلال الالتزام بقرار محكمة العدل الدولية وهدم جدار الفصل العنصري الذي تبنيه في الضفة, وفي خروج الحليفين كالمعتاد عن أدبيات وأخلاق التعامل والكياسة الدبلوماسية, للتهجم على المنظمة الدولية ونعتها بأوصاف شتى.. ‏

هذا التودد المفرط في الاستجداء وتقديم قروض الولاء لإسرائيل, مقابل الاستعداء والاستفزاز والتهديد وإشهار العداء للعرب, توجه يضع المنطقة إزاء استحقاقات في غاية الخطورة, ويبقيها أسيرة العربدة العسكرية الدموية والسياسية المفتوحة لتل أبيب, المستقوية بالدعم والفيتو الأميركي, والتي ترى في العدوان والإرهاب الرسمي المنظم, واستمرار دوامة العنف والتوتر غذاء روحياً لعقيدتها ومشروعها التوراتي, ويؤكد في الوقت نفسه عقم المراهنة على حدوث تحول أو تغيير جذري في السياسة الأميركية المعروفة لمصلحة السلام والاستقرار, أو الاضطلاع بدور حيادي نزيه يشق عصا الطاعة العمياء والالتصاق بإسرائيل, سواء أكان الجمهوريون أم الديمقراطيون في مواقع السلطة والقرار. ‏

ومع تأكيد الحرص على علاقات طيبة مع الولايات المتحدة تقوم على الحوار والتفهم والاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة, وانتهاج سياسة متوازنة وعادلة من جانب واشنطن, تكفر عما ألحقته مواقفها من معاناة وتسببت به حتى الآن من آلام ونكبات لهذه المنطقة, فإن الواجب يقتضي أن تؤخذ هكذا تصريحات ومواقف متطرفة على محمل الجد والحذر, وأن يتم التعاطي معها عربياً بمنطق الحزم ولغة المصالح, ووفق صيغة عملية موحدة واستراتيجيا تكسر حالة الوهن والضعف والتشتت, وتفهم أصحاب المطامح والنزعات الصهيونية أن هذه الأمة ليست /مكسر عصا/, وستبقى وقضيتها عصية على محاولات الأخذ والإركاع. ‏

 

 محمد علي بوظة
محمد علي بوظة

القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30396
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30394
القراءات: 30387
القراءات: 30384
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30399
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30388
القراءات: 30385
القراءات: 30384
القراءات: 30387
القراءات: 30382
القراءات: 30399
القراءات: 30388
القراءات: 30382
القراءات: 30385
القراءات: 30386

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية