فأزمة دارفور التي يحاول المجتمع الدولي والحكومة السودانية إيجاد مخرج سريع لها, يكفل إعادة الاستقرار والأمن إلى الاقليم وعودة مئات الآلاف من اللاجئين الذين شردتهم الصراعات الدائرة بين فصائل متصارعة, مؤهلة للتصاعد إذا ما استمرت بعض الدول والقوى الدولية بإرسال رسائل خاطئة إلى أطراف النزاع.
فالمعلومات الواردة من دارفور تشير إلى أن بعض الفصائل المتمردة في اقليم دارفور تلقت بعض الرسائل الدولية بشكل خاطئ, وعرقلت الجهود التي تبذل لوقف النزاع الدائر بين القوى المتصارعة في الإقليم السوداني على أمل إجبار المجتمع الدولي للتدخل المباشر في هذه الأزمة وهو ما أعاق إمكانية التوصل إلى حل سياسي للأزمة, وفتح الباب واسعاً أمام موجة جديدة من الهجمات المتبادلة وإطالة أمدها خلافاً لما يسعى إليه المجتمع الدولي والحكومة السودانية.
أولى الرسائل الخاطئة كانت من بعض أعضاء الكونغرس الأميركي الذين يحاولون استغلال الأزمة لغايات سياسية وانتخابية داخلية, حيث دعوا إلى تدخل عسكري مباشر في الاقليم مقارنة بما حصل في العراق, مما دفع ببعض الفصائل المتناحرة تعليق مشاركتها في المفاوضات السياسية مع الحكومة السودانية وفرض شروط يستشف منها سعيهم لإطالة أمد الأزمة وتعقيدها إلى الدرجة التي تدفع بعض القوى الدولية للتدخل المباشر, وفرض شروط للحل السياسي تتوافق مع تطلعاتهم لمستقبل الإقليم وأهدافهم السياسية.
ولذلك ونظراً لاحتمال تصاعد الأحداث وثبوت محاولات بعض القوى لاستغلال الوضع في دارفور لتحقيق أغراض سياسية, يتوجب على المجتمع الدولي والحكومة السودانية العمل سريعاً على إلزام الأطراف المتصارعة على التفاوض السلمي لإيجاد حل سياسي يضمن عودة الأمن والاستقرار للإقليم وحقوق كافة أطرافه, ومساعدة منكوبيه على معاودة حياتهم الطبيعية منعاً لأي تطورات تطيل أمد الاقتتال وامتداده إلى مناطق أخرى يصعب السيطرة عليها.
فالإسراع بإيجاد حل لهذا الموضوع عبر المفاوضات المباشرة بين الفصائل المتناحرة والحكومة السودانية, وبرعاية دولية من شأنه قطع الطريق على الذين يبحثون عن مكاسب سياسية, وتجنيب المجتمع الدولي مزيداً من الانقسامات في ظل الخلافات القائمة داخل مجلس الأمن حول طروحات بعض أعضائه الدائمين إزاء هذا الأمر.