تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 27/7/2004
نبيه البرجي
لا أحد يمكنه الآن أن يضع برقعا على وجه زرقاء اليمامة...!

هذه أيام دقيقة وصعبة بل وخطيرة مادامت الذئاب تقف على كل المفترقات, بل وعلى كتفي الامبراطورية لتغتال ما تبقى من ألق في هذه الأمة... ‏

ولكن ألم تظهر الأرض, ورغم كل تفاصيل الأرض, أن معماريي العظمة, بأسنانهم التي كأنها أسنان العصر الحجري, هم أنفسهم معماريو السراب. إذا, إن أحدا لا يستطيع أن يطفىء عيني زرقاء اليمامة? هي التي ترى كيف تزحف الغمامة السوداء من بعد, ترى أيضا كيف يزحف المستقبل من بعد. لاحظوا كيف ينظر العراقيون الى سورية -الى بشار الأسد تحديدا- وبعيدا عن ذلك البعض المجهري الذي ينفخ في القاع وهو يظن أنه ينفخ في التاريخ. ‏

ها إن هناك من يتحرك. إياكم ان تتركوا دقات القلب بين دمشق وبغداد تعود الى مكانها. هكذا يقال الآن علنا, ولنستذكر محمد مهدي الجواهري الذي قال لنا, قبل الرحيل, وفي عاصمة الأمويين بالذات: (كما لو أنهم يحاولون تغيير شكل النخيل, وشكل الهواء, بل وشكل الناس). هؤلاء اناس قد يغيبون لحظة عن اللحظة, وقد تأخذهم الصدمة بعيدا, لكن فجأة يستيقظ كل شيء. قال الجواهري: (هذه أنهار لا تنام, هذا دهر يحملنا على ظهره ويطوف بنا في أرجاء... الدهر). ‏

تلك لغة لا يفقهها الذين ينظرون إلينا عبر الكمبيوتر العملاق. نعترف بأنهم نجحوا في بعثرتنا, وفي استنزافنا, وفي قتل أشياء كثيرة, وجميلة فينا. نعترف بأنهم صنعوا تلك المسافات العمياء بين العيون, وبأن كثيرين منا يسيرون على غير هدى ,ويبيعون -للبقاء- حتى موطىء اقدامهم (التي قد تكون موطىء الروح), لكننا نسمع على ضفاف الرافدين, كيف تهب الرياح, الجميلة إياها. إنها سورية, بوابتنا الى الخلاص. هذا يهز الذئاب. هم أنفسهم معماريو السراب. ينشطون عبر الأروقة الاستراتيجية. يعودون الى خرافة الممنوع واللا ممنوع. كيف يمكن للعراق ألا يكون سورية, وألا تكون سورية العراق? ‏

نتكلم هكذا لأننا ندرك كم أن دمشق مهمومة ببغداد, وكم أن بغداد تحلم -وهي تعمل- بأن تكون داخل دائرة الأمل التي يرسمها من هم في دمشق والذين كما انقذوا لبنان من الزوال يضعون كل امكاناتهم, عند مفترقات الخطر, لإنقاذ العراق من الزوال. ‏

لهذا ندرك, وبدقة خلفيات وأبعاد كل خطوة سورية الآن, ونرصد كل دقة قلب في العراق. إن ثمة من يقرع الطبول (ولا يتعلم مما تقوله الأرض التي ستقول أكثر وأكثر), وهو ما يفترض بنا جميعا, كعرب, أن نعي الحالة, لا أن نكون ضيوف شرف في صفقة يلعب الشيطان في أرجائها ولمصلحة الشيطان!. ‏

أيام نقر بصعوبتها, بل وباحتمالاتها, لكن أياما كثيرة, أخرى, هبت علينا. ظلت الأشجار واقفة. هذا ليس نفخا لغويا في أشياء قديمة, في قصائد قديمة. إن للأرض لغتها الخاصة, وهي تتكلم... ‏

... أجل وهي تتكلم, فيما يصر أساقفة الدم على أن يرقصوا بأقدامهم المرصعة بالذهب الأسود (الأسود جدا), فوق زمننا. ترون كيف أن زمننا عادت إليه النار. يقر وزير دفاع أميركي سابق ب¯ (أننا كمن استدرجنا للتو الى النهاية). هذا عراق لا يمكن لهولاكو أن يضع يده عليه ثانية. لا يمكن, لا يمكن. وحين تكون دمشق لبغداد مثلما هي لبيروت بل ولكل مدينة عربية دخلت في الزلزال, نصنع نحن, بأيدينا, الزلزال الذي يليق بالأمة! ‏

 

 نبيه البرجي
نبيه البرجي

القراءات: 30383
القراءات: 30388
القراءات: 30381
القراءات: 30387
القراءات: 30381
القراءات: 30384
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30385
القراءات: 30384
القراءات: 30381
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30381
القراءات: 30396
القراءات: 30395
القراءات: 30382
القراءات: 30379
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30391
القراءات: 30383
القراءات: 30387
القراءات: 30384

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية