وآخر ما تم تسريبه في هذا الإطار تقرير لصحيفة (صنداي تلغراف) يكشف عن تمرير أراده رئيس الوزراء البريطاني في تقرير اللورد باتلر, الذي برأه من المسؤولية المباشرة لشن الحرب على العراق, وهذا التعديل خفف من التناقض بين خطابه المدافع عن خوض الحرب وهشاشة المعلومات الاستخباراتية.
لن نغوص عميقاً في البحث عن حقيقة مثل هذه التسريبات , فكل يوم تطالعنا الصحافة الغربية بالجديد والمثير في ثنايا صفحات هذه القضية, وكلها تشير إلى أن مهزلة أسلحة الدمار الشامل العراقية ( تزوير من الطراز الأول) و( تحريف ليس له نظير ) و(كذب متعمد) كما وصفتها هذه الصحافة بأكثر من مناسبة ودللت عليها بأكثر من شاهد.
ألم يعترف جورج تينت مدير ال¯ ( سي أي آيه) المستقيل أن وكالته ارتكبت (أخطاء!) كثيرة في معلوماتها حول هذا الملف, ألم تحاول مستشارة الأمن القومي الأميركي غونداليزارايس إلقاء المسؤولية على أجهزة الاستخبارات البريطانية وحدها?
ألا يعتبر اعتراف بول وولفوتيز نائب وزير الدفاع الأميركي (بأن المسألة ليست إلا حجة لتسويغ احتلال العراق) كافياً لفضح ما جرى?!.
أليس هذا غيض من فيض الاعترافات التي تناقلتها الصحافة الغربية على مدى عام كامل?!.
لن نجهد أنفسنا أيضاً بالبحث عن الأسباب الموجبة لإثارة ملفات هذه القضية الآن, فاللهاث وراءها يأتي على ايقاعات الانتخابات القادمة في الولايات المتحدةوبريطانيا واستغلال هذا الأمر من قبل خصوم بلير وبوش للإطاحة بهما.
الأهم من هذا وذاك أن نتساءل نحن العرب: من يضمن لنا في طول العالم وعرضه عدم تكرار مثل هذه المسرحيات والأساليب التي ضللت شعوب الأرض كلها لتبرير حرب ظالمة ضد الشعب العراقي? ومن الذي يضمن لكل دولة ما يسمى (بالشرق الأوسط الكبير) الذي تضع أميركا عينها عليه بأن واشنطن ستكف عن اختراع مثل هذه المزاعم لإدانة دول وحكومات لاترضى عن سياستها فتجيِّش الدنيا ضدها لتحقيق أهدافها الاقتصادية ومآربها السياسية?!.
ثم يبقى السؤال الأهم: الى متى سيبقى العالم ساكتا على تجاهل أمريكا لترسانة إسرائيل النووية والجرثومية والكيماوية التي تهدد بإمكانية استخدامها !.
رغم أن الضمانات حول كل هذه الافتراضات لاتزال مغيبة وغائبة إلا أن التحرك أصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى لوضع النقاط على حروفها!.