منذ أيام اضطر هذا الصديق لأن يبعث برسالة إلى دولة الكويت, وأصَّر على إرسالها بالبريد السريع, توجه إلى إحدى شركات البريد السريع الخاصة, فتفاجأ بغلاء الأجور, نصحته بأن يرسلها عبر البريد العادي, أو البريد المضمون, فرفض موضحاً أنه على عجلة من أمره..
فسأل واستفسر, فقيل له أن هناك كوَّة للبريد السريع في المؤسسة العامة للبريد ومختلف فروعها, وبأسعار معقولة بالنسبة للشركات الخاصة.. قصد تلك الكوَّة, وأودع الرسالة إلى الكويت الشقيقة لقاء /655/ ليرة سورية, وقيل له: إن رسالتك تصل خلال /48/ ساعة.
منتظرو الرسالة في الكويت, اتصلوا مع صاحبنا بعد خمسة أيام من إرسالها, وقد صدموه بالقول: إنَّ الرسالة لم تصل..!!
لم أخف شماتتي بهذا الصديق, وقلت له: لو أرسلتها بالبريد العادي, أو المضمون لكانت قد وصلت على الأرجح, فيبدو أن سرعة البريد السريع قد طيرها..!!وما كانت لتطير لو أنها أرسلت عبر غيره.
ظهر الغضب على محياه, وراح قاصداً قسم المسجلات من فرع مؤسسة البريد الذي أرسل منه تلك الرسالة, وباعتبار أن رسائل هذا القسم سريعة, وجد رئيس القسم منشغلاً بحل شبكة كلمات متقاطعة.. اقترب منه صاحبنا, وسأله عن مصير هذه الرسالة وعن أسباب التأخير اللامعقول, لا سيما وأنها أرسلت عبر البريد السريع..!!
تواضع رئيس القسم وتوقف عن (شغله) بحل الكلمات المتقاطعة, وبدأ بمحاولة إفهام الصديق الأبعاد الخطيرة القابعة وراء هذا التأخير, مشيراً إلى ضرورة أن نتحلى بالوعي الذي يساعدنا جيداً في فهم معاني هذا التأخير.
وأوضح رئيس قسم المسجلات لصديقي قائلاً: إن سبب هذا التأخير يعود أساساً إلى الأوضاع السائدة في المنطقة, الذي (كركب) المنطقة كلها.. وصارت تتأخر الرسائل وغيرها..!!.
نعتقد أن هذا الكلام لا تتبناه المؤسسة العامة للبريد ذاتها, وهو كلام غير صحيح, إنه مجرد تبريرات لأداء ضعيف.. ونحن نرى أن لا داعي لمؤسسة البريد أن تقحم نفسها في مجالات لا تستطيع أن تؤديها جيداً, أو تعيد النظر بمثل هذا الأداء, كي تحتفظ برصيدها الممكن.. وبالمناسبة.. فعند كتابة هذه الزاوية, كان قد مضى ثمانية أيام على إرسال الرسالة السريعة.. وما كانت قد وصلت بعد..!!