قال مسعود: (لقد جئت بالصحفيين ليكتبوا عني أخباراً لا ليعلموني المسرح... في كل دول العالم الصحفيون يسألون فقط, أما عندنا فيكتبون نقداً... أشك في أن أياً منهم قد شاهد مسرحية...).
إذا استخدمت هذا المنطق نفسه لحقًَّ لي أن أشك بدوري بأن مسعود قد أمسك بصحيفة عالمية واحدة في حياته, وإلا فعليه أن يخبرنا في أية صحيفة في الدنيا لا يحق للصحفيين أن يدلوا بآرائهم, وما هي هذه الدولة التي تجبر صحفييها على أن يسألوا وحسب, وتحظر عليهم التعبير عن وجهات نظرهم, وإذا كانت نظرية مخرجنا الغاضب صحيحة فماذا نقول عن كل أولئك الصحفيين أصحاب الأعمدة والزوايا والافتتاحيات التي تملأ جميع صحف العالم.
على أية حال ليس هذا كل ما أبدعه المسرحي في حواره الساخط إذ قدم نظرية أخرى لا تقل أهمية, وهي ما يمكننا تسميتها بنظرية الجزر المنفصلة, حيث قال: (المسرح علم قائم بذاته أنا درسته ولا يحق لمن لم يدرسه أن يتدخل فيه... هل يحق للجيولوجي أن يتدخل في عمل النحات, وهل يحق للفنان أن يتدخل في عمل الكيميائي..).
سأجيب باختصار على هذا التساؤل العجيب: أنا لا أفهم في الجيولوجيا هذا صحيح, ولكن ماذا لو نصحني جيولوجي ما أن أحفر في نقطة محددة مؤكداً, حسب دراساته المعمقة وبعد استخدامه لمقاييسه وأدواته التي أجهلها, وجود مخزون هائل من المياه ثم تكون النتيجة ألا أحصل إلا على مخزون هائل من التراب... هل علي أن أذهب لدراسة الجيولوجيا كي يتسنى لي القول: إنك مخطئ يا سيدي..?!
وإذا ما صمم مهندس بناء من عدة طوابق ونسي مكان الدرج فهل علي أيضاً أن أدرس الهندسة لأكتشف أنه فاشل..?!.