لعل هذا هو السبب الذي يقف خلف كل ما حل بالقطاع العام الإنشائي من تراجع وتدهور.. ولكن.. لعل اعتقاد البعض بتلك الفوضى وضعف التنظيم هو السبب صحيح.. فليكن?
لعل السبب أيضاً ضعف الأداء الإداري.. فليكن.. لعل السبب عدم وجود مهندسين, ولا كوادر ذات كفاءة عالية.. فليكن.
ولعل الفساد قد استشرى عند البعض, وانتشر التخاذل عند البعض الآخر فليكن أيضاً..
وألف لعل ولعل.. ولكن.. هل من المعقول أن يتقبل أي عامل, وأن يستوعب أي مراقب يدرك أحوال الناس, بأن أولئك العاملين في القطاع العام الإنشائي, قادرون على الحياة ستين أو تسعين يوماً دون رواتب ولا أجور?!
لعل البعض قادر..ولعلهم جميعهم قادرون ولكن أليس من اللائق أن نحافظ دائماً على احترام القانون..?!
هل نحترم القانون بمجرد القول: إننا نحترمه?.. أم أن أبلغ تعبير لهذا الاحترام يتمثل بالحرص على تنفيذ القانون?
سوف لن نتحدث عن مصادرة الحكومة للقانون رقم 1 آنف الذكر فيبدو أن الأمل بإعادة العمل فيه من المسائل الميئوس منها.. رغم أنه من اللائق أيضاً أن يجري تعديله كما يريدون بقانون, لا أن يجري إخضاعه إلى ذلك السحر النافذ للقرارات والبلاغات.. الأقل فاعلية موضوعاً, والأقل بدرجات..!
سوف نتحدث هذه المرة عن قانون العاملين في الدولة, وهو القانون الذي بتطبيقه على القطاع العام الإنشائي استطاع أن يشكل الضربة القاسية الأولى, والصفعة التي دوخته.. ومع هذا.. فإنه في جوانبه الإيجابية على ذاك القطاع لا ينفذ!!
الفقرة /إ/ من المادة 81 من قانون العاملين في الدولة تقول:
(تدفع الأجور في الأول من كل شهر)
وتقول الفقرة /آ/ (يجوز -بقرار من رئيس مجلس الوزراء- تقديم التاريخ المحدد لتأدية الأجور وذلك في الحالات التي يراها).
إذن يجوز التقديم, وهذا يحصل فعلياً في بعض الأعياد والمناسبات غير أن القانون لم يجز التأخير.. فالحد الأقصى لدفع الأجور عند الأول من كل شهر..!
صحيح أن الشركات الإنشائية تعمل على نظام التمويل الذاتي ولكن الصحيح أيضاً أن هناك صندوقاً للدين العام.. هناك خزينة, الأمر الذي يضعنا أمام إمكانية تخصيص كتلة مالية للرواتب والأجور المقطوعة على الأقل تؤدى للعاملين في الأول من كل شهر, على أن يجري استردادها من الكشوف لاحقاً.
أداء رواتب العاملين في القطاع العام الإنشائي عند أول الشهر ليست مسألة إنسانية ملحة فحسب.. وإنما هي مسألة إعلان عن حرصنا على احترام القانون أيضاً.