طبعاً عندما يقول وزير السياحة إننا حققنا ملياراً وأربعمئة مليون دولار هذا يعني أننا أصبحنا من الدول المتقدمة سياحياً, في حين أن الحقائق على أرض الواقع تقول عكس ذلك لعدة أسباب أهمها أن الأماكن السياحية غير مؤهلة بشكل جيد لاستقبال الأعداد الكبيرة من السياح والتي نطمح الوصول إليها.
نعود للرقم الذي أشار إليه السيد وزير السياحة, الذي نعتقد أنه رقم افتراضي, كونه جاء نتيجة استبيان لعدد من السياح منهم من هو مقيم أصلاً في البلد ويعمل خارجها, ومنهم من السياح العرب والأجانب, ونتيجة دراسة الأوراق الاستبيانية لا تحدد المدخول إلى خزانة الدولة من هذه الصناعة التي ننظر إليها على أنها من أهم الصناعات التي تؤمن مداخيل لاقتصادنا الوطني إن تحققت لها كل مقوماتها المفقود غالبيتها حتى الآن. ونشير هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى أن دولة مثل تركيا عندما تحقق ثلاثة أو أربعة مليارات دولار من عائدات السياحة فهذا يعني أنها تضع يدها بشكل جيد ومدروس على هذه الصناعة, التي نتمنى أن تخرج من طور التنظير إلى طور العمل الجاد بغية تحقيق نقلة نوعية فيها. ولا نعتقد أن بمقدور السيد الوزير تجاوز كل المعوقات الموجودة أصلاً, والتي تشكل حجر عثرة في تطوير السياحة عندنا, كون تلك المعوقات لا تقتصر معالجتها من قبل السياحة وحسب, بل هناك جهات متعددة تشاركها في ذلك, وكان من الأفضل عدم ذكر مثل هكذا رقم لأننا اعتقدنا جميعاً أنه قد دخل الخزينة, وهذا يعني أنه أصبح لدينا قطع أجنبي يمكن استخدامه في دعم صناعات أخرى.
في كل الأحوال لدينا منشآت سياحية عملاقة تحتاج للمزيد من العمل بروح من المسؤولية البعيدة عن التنظير, والعمل بشكل أكثر فاعلية مما هو عليه الآن بغية استثمار هذه المنشآت والأوابد الآثارية بما يحقق دخولات أساسية وبأرقام فعلية. ونؤكد هنا انه إذا كنا نريد صناعة سياحية متطورة تساهم في عملية التنمية الاقتصادية لابد وأن نتعامل مع المسألة برؤية بعيدة عن كل العقد.
نقول أن نتعامل برؤية متطورة بعيدة عن كل التعقيدات نستطيع من خلالها تحقيق واقع مادي ملموس عندها يمكننا الإقرار بأننا بدأنا بالاتجاه الصحيح لبناء صناعة سياحية متطورة, يمكن من خلالها الوصول إلى أعداد متزايدة من السياح الذين يرغبون القدوم إلى سورية لما تتمتع به من أهمية تاريخية حضارية.