تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 19/8/2004
محمد خير الجمالي
ما الذي يعنيه وجود ثمانية آلاف أسير فلسطيني وعربي في سجون الاحتلال الإسرائيلي وسط إصرار إسرائيل على رفض الاعتراف بحقوقهم في الحرية ومعاملتهم كأسرى حرب ?

وما الذي يرمز إليه الإضراب المفتوح الذي أعلنه الأسرى احتجاجاً على المعاملة الوحشية التي يتعرضون لها على أيدي الجلاد الصهيوني ..? ثم ماذا عن الموقف المطلوب للمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة من قضية هؤلاء الأسرى وإضرابهم المعلن حتى الموت إن لم يتم إنصاف قضيتهم..? ‏

تلك بعض أهم الأسئلة التي تستدعي الإجابة الموضوعية ولا نجدها لدى إسرائيل التي تزعم بأن هؤلاء ( إرهابيون) لمحاولة التغطية على أساليبها الوحشية في معاملتهم وحرمانهم من حقوقهم كأسرى حرب , كما لا نجدها لدى السياسة الأميركية التي تكثر من الحديث عن غيرتها على حقوق الإنسان , لكنها تصاب بانعدام الرؤية لهذه الحقوق عندما يتعلق الأمر بالعرب أو عدة آلاف منهم يعيشون في ظروف اعتقال هي الأسوأ بين ظروف الاعتقال التي عرفها التاريخ بما فيها ظروف الاعتقال النازي , وكما هو حاصل اليوم في أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال . ‏

ثمانية آلاف أسير عربي يتعرضون لأشد أشكال التعذيب النفسي والجسدي , ويعيشون نتيجة لذلك أصعب حالات الارهاب والعسف والمرض والموت البطيء والحرمان من حق الحياة , نعم من حق الحياة لأن إبقاءهم تحت التعذيب والإذلال وامتهان كراماتهم الإنسانية هو بصورة أو بأخرى حكم غير معلن بالموت على كل منهم , أما السبب فيعود في شق منه إلى مقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي الظالم والغاشم انتصاراً لأهداف شعبهم في التحرر وفي شق آخر إلى اصرار إسرائيل على خنق صوت الحرية والمقاومة لدى الشعب الفلسطيني بطريقتين : ‏

الاغتيال المستهدِف لكوادر المقاومة ورموزها , والاعتقال التعسفي لمن لا تطوله آلة الموت الإسرائيلية فيقع في أيدي الاحتلال أسيراً ليصبح عرضة لقتل بطيء ممنهج مدروس يشتمل على كل صنوف الإهانة والإذلال والاحتقار في كل ثانية ولحظة دون محاكمة , وإن حوكم فالحكم والمحاكمة صوريان ; سجن مؤبد تحت التعذيب لمئتي عام أو أربعمئة عام على النحو الذي حوكم فيه عضو المجلس التشريعي الفلسطيني مروان البرغوثي . ‏

ومن أجل رفع الحيف والظلم والقهر والاضطهاد عنهم , كان الإضراب المفتوح للأسرى رسالة إلى العالم كله تفضح الطابع العنصري السادي البغيض للاحتلال الإسرائيلي باعتقاله هذا العدد الهائل من أبناء فلسطين لمجرد أنهم مناضلون من أجل الحرية , ومناضلون من أجل تطبيق شرعة حقوق الإنسان بما فيها حقوق الأسير التي سجلت إسرائيل بانتهاكها رقماً قياسياً لم يسبق لقوة جائرة في الدنيا أن بلغت ربعه أو نصفه . ‏

والغريب في رد الفعل الاسرائيلي على إضراب الأسرى , هو تعامل سلطات الاحتلال مع هذا الإضراب المفتوح حتى على احتمالات الموت, بسادية مفضوحة جرى التعبير عنها في قول وزير الأمن الداخلي تساحي هنغبي ( لن نقدم لهم أي تنازل , يستطيعون مواصلة حركتهم حتى الموت) وفي أساليب تعذيب جديدة تستهدف كسر إرادة الأسرى لحملهم على إنهاء إضرابهم تفادياً لردود فعل دولية غاضبة . ‏

قضية الأسرى , إذاً , طبقا لأسباب اعتقالهم وظروفهم اللاإنسانية وانتهاك اسرائيل لحقوقهم , هي قضية سياسية وإنسانية وأخلاقية , لا تعني الأسرى أنفسهم والشعب الفلسطيني والعرب فقط , بل تعني أيضاً بالدرجة نفسها الأسرة الدولية لجهة التحدي الصارخ الذي يشكله التمرد الاسرائيلي على القانون الدولي وشرعته الحقوقية في أسباب الاعتقال وظروفه اللاإنسانية , وفي الاستخفاف الذي تبديه اسرائيل بأحكام اتفاقيات جنيف ومبادىء حقوق الإنسان بما فيها حقوق الأسير . ‏

وما دام إضراب الأسرى رسالة إلى العالم تشرح قضيتهم الإنسانية والسياسية والحقوقية , فمن واجب العالم أن يتضامن معهم ويتبنى قضيتهم وينبري للدفاع عنها بطرحها على الامم المتحدة ورفعها الى محكمة العدل الدولية وتشكيل لجان دولية مختصة للوقوف على طبيعة أوضاعهم الصعبة ,وإحالة المسؤولين الاسرائيليين إلى محاكم دولية مختصة لمحاكمتهم كمجرمين بحق الإنسانية على سياسة إساءة معاملة الأسرى . ‏

 

 محمد خير الجمالي
محمد خير الجمالي

القراءات: 30384
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30386
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30385
القراءات: 30381
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30384
القراءات: 30382
القراءات: 30381
القراءات: 30384
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30387

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية