خيم الوجوم والذهول في اليوم الأول, وكانت الفاجعة كبيرة, خسر الوطن أحد عشر شخصاً من أبنائه, كانوا عائدين عصراً ليجدوا ملك الموت بانتظارهم عند نقطة من الطريق المذكور, بعد أن سلموا أنفسهم لسنة النوم, الذي يسمونه الموت المؤقت, بعدعناء يوم طويل من العمل الشاق والمضني, وما اعتقدوا للحظة أنهم لن يستيقظوا من نومتهم المؤقتة, منتقلين إلى الدار الآخرة.
كثرت الأحاديث حول تلك النقطة من الطريق, وأشار بعضهم أنها مسكونة بالجن, وتساءل المعزون: كيف تنحرف الآليات يمنة ويسرة لتتلاقى وجهاً لوجه, فاجعة يذهب ضحيتها قتلى وجرحى ومشوهون, ولأكثر من مرة خلال هذا العام على الأقل, حيث أكدت الإحصاءات أن عدد القتلى في تلك النقطة تجاوز الخمسين شخصاً, وهي منطقة مكشوفة لأكثر من ثلاثة كيلو مترات, وتتسع لأكثر من أربع سيارات ذهاباً وإياباً, إذن كيف تقع الحوادث?
قالوا: إن المفرق المؤدي إلى منشية بير السبيل هو السبب في وقوع الحوادث, حيث تظهر مقدمة السيارة الراغبة في الوصول إلى الطريق العام, فيرتبك السائق القادم من درعا ولينحرف يسرة, وعندها تكون الطامة الكبرى, إن صادف هذا الانحراف قدوم سيارة من دمشق إلى درعا, وهذا ما أكده شهود عيان على حادث ميكروباص الحارة, ودير العدس ولأن التبرير ليس مهماً عن كيفية وقوع الحادث تداول الناس أحاديث كثيرة وطالبت الجهات المعنية بضرورة إشادة منصف يقسم الطريق إلى قسمين, يمنع تجاوز الآليات بعضها بعضاً, وبذلك نحد من تهور بعض السائقين الذين كتب عليهم الشقاء والعذاب من خلال حب المغامرة والسرعة معرضين أنفسهم ومن معهم لمخاطر الموت المحدق بكل من تسول له نفسه العبث بأرواح الناس.
غريب أمر الجهات المعنية عن ذاك الطريق كيف بادرت مسرعة إلى ترميم المطب في تلك المنطقة ولو عملت ذلك سابقا لتداركت وقوع الحادث.
فهل تكمل صنيعها على إشادة المنصف البيتوني, الذي تفتقده معظم طرق درعا إجمالاً?
وهل تعمل على مراقبة الطريق إدارياً? للحد من السرعة والتهور وتحديدها على طريق اقتنع الكثيرون أنه طريق الموت والأهم من هذا وذاك أن يقتنع الركاب بالمثل أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً.