Attr
الجمعة 20/8/2004
قمر كيلاني
هل بدأت الروح تعود إلى الفكر والفن والأدب في هذا العصر المادي والالكتروني العجيب فيكون لذلك تأثيره في تفتح الشعوب على حقائق أخرى هي غير الحقائق التي تفرضها السيطرة الاستعمارية, وجشع المصالح الاقتصادية, وحسابات العولمة والهيمنة? نقول إن انبثاقات صغيرة في الغرب وفي أمريكا أخذت تعطي مؤشرات بأن دورا آخر يأخذه الفكر.. ويتجلى في الفن.. ويطال الأجناس الأدبية ويصل إلى المسرح والسينما وهما الأكثر شيوعا و تغلغلا في الجماهير. فالسياسة المتغطرسة التي تتبعها أمريكا في العالم.. والأخرى ذات البطش والاختراق للحقوق التي تطبقها الصهيونية العالمية.. وغيرهما من السياسات العلنية والخفية لقهر الشعوب وامتصاص ثرواتها.. نقول إن كل ذلك أصبح يطرح ولو بنسب ضئيلة جدا في الفكر والفن والأدب.. فيظهر كتاب مثلا يحوي هذه السياسات وينبه إليها, أو تجرؤ مسرحية -كما حدث في بريطانيا- على أن تتناول موضوع غوانتنامو وبشكل فاضح.. أو يثير فيلم سينمائي كفيلم (مايكل مور) فهرنهايت 9/11 إشكالية تجعل رجال السياسة يتوقفون بحذر.. أو ينذرون بالخطر. وهكذا الأمر في البلاد التي تعرضت للظلم والاضطهاد كالبوسنة واندونيسيا وحتى العراق نفسها.
وربما نتساءل: من يغذي هذه الانبثاقات ويجعلها تسطع وتؤثر فيحسب حسابا لرواية عظيمة, أو لشاعر أو مفكر عظيمين تماما كما يحسب حسابا لنظرية فلسفية أو فكرية غير تلك التي تؤيد صدام الحضارات وانهيار إحداها لحساب الأخرى.. وغير الحرب الشاملة على الإرهاب مع غموض هذا المفهوم واضطرابه وعدم الوضوح في نتائجه بل في أسبابه?
أما الرياضة وقد كرست في الأصل كبديل للحروب.. وذكرت في الأدبيات الايديولوجية على أنها التقارب بين الشعوب فإنها على مايبدو لا تصنع شيئا يذكر.. فهاهو الاولمبياد العالمي الذي تشارك فيه أكثر من مائتي دولة وتبلغ كلفته مليارا من الدولارات وأكثر يحتاج إلى سياج أمني مذهل وغير مسبوق لحماية المتبارين والمشاهدين على حد سواء.. وهو في رموزه ودلالاته يعيد البشرية إلى عصور التمجيد لآلهة القوة الوثنية.. والغطرسة للأبطال وكأنهم صانعو التاريخ أو المثال.. ولقد تمنينا أن يكون هناك نشيد واحد يدعو للسلام.. أو أن تكون وقفة تستنكر فيها الرياضة في العالم ما يجري في بقاع كثيرة من حروب ومآس ومظالم فيشفي مما هو في الصدور.. وما تصرخ به المجازر الجماعية والقبور.
وإذا كانت قرون مضت قد أدمجت الفكر والفن والأدب في مجريات تطورها وتقدمها فهل سنفعل نحن ذلك أم ستظل الأمور رهن السياسات والإشارات الغامضة لتيارات أكثر غموضا تقود البشر إلى الدمار وخراب الديار?
إن عالماً قلبه من حديد ويده من نار لا يستطيع أن يسمع نداء المظلومين والحائرين والمعذبين.. وإن قشرة زاهية للحضارة لا تستطيع أن تصنع أي حضارة.
|