والصورة العامة والطاغية للأوضاع تكاد تكون متماثلة ومتطابقة إلى أبعد الحدود, وواحدة في الارتكابات الحاصلة ميدانيا ضد الشعبين الفلسطيني والعراقي, وفي أخذ الاحتلال سواء الإسرائيلي أم الأميركي لهما أسرى ورهائن مطلوب رأسها وإذلال وتركيع جماهيرها, وجعلها عبرة لكل من يتجرأ على معارضة سياسة واشنطن وتل أبيب ومخططاتهما, تلك التي تحركها كارتلات المال والنفط والسلاح وأطماعها الكونية في احتواء العالم وإخضاعه ونهب ثرواته وفرض مظلة الوصاية الاستعمارية عليه.
فسياسة الأرض المحروقة والقتل والتدمير للبشر والحجر, والاستهداف المتعمد للحرمات والمقدسات باستخدام هستيري ومكثف لآلة الحرب المتطورة.
والأسلحة الجوية والبرية, بهدف إيقاع أفدح الخسائر وأكبر الأرقام من صفوف المدنيين, عقيدة عسكرية ونهج مشترك للحليفين الأميركي والإسرائيلي, لاتخضع لأية اعتبارات أخلاقية أو إنسانية, وتتحلل كلية من مبادىء الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف, وتمارس بشراهة وعنصرية مفرطة في الحقد والتطرف والمغالاة, وفق منهجية تؤكد التوافق والانسجام والشراكة, وتستكمل حلقات المخطط المرسوم لهذه المنطقة من خلال البوابتين الفلسطينية والعراقية وعبرهما, لفرض إملاءات وشروط الاستسلام والتصفية النهائية للقضية الفلسطينية.
ولايجادل أحد في حقيقة أن الصهيونية وربيبتها إسرائيل قد نجحت إلى حد كبير, في توريط الولايات المتحدة وزجها في معاركها السياسية والعسكرية, بل وجعلها تخوض بالنيابة عنها حروبا ظالمة لاتخفي مراميها وأهدافها في السعي لتثبيت الاحتلال وإكسابه المشروعية القانونية, ومواصلة ضرب هذه الأمة واستنزافها وإضعافها وجعلها بلا حول ولاقوة في مواجهة تفوق إسرائيل وترسانتها العسكرية, واستطاعت بامتياز أن تحول الدولة العظمى من قوة توازن وعامل استقرار, إلى قوة فوضى وحروب وعامل توتر وعدم استقرار في هذا العالم, لها من الأعداء في ظل الإدارة الحالية مخزون ضخم وقياسي, يحتاج الأميركيون إلى وقت طويل كي يتخلصوا من آثاره السلبية وانعكاساته المدمرة عليهم وعلى مصالحهم وعلى السلام الدولي.
ومع التأكيد على محاذير ومخاطر هذه السياسة والاستمرار فيها, والتذكير بمسؤولياتنا وواجبنا جميعا كعرب في التصدي لها, وفي إغلاق الساحة القومية وعدم تركها مسرحا لمجون وعربدة القوة, فإننا وفي الموازاة نشدد على مسؤولية المجتمع الدولي وأهمية وضرورة الاضطلاع بدوره, والتخلي عن الحيادية والصمت والتواطؤ والمواقف المترددة والخجولة, والمسارعة للأخذ بزمام المبادرة إنقاذا لما يمكن إنقاذه, قبل أن تتطور الأمور وتستفحل أكثر ويصعب وقف النزيف وشلال الدم المتصاعد والمفتوح في فلسطين والعراق, المنذر بالامتداد والتوسع والمهدد للجميع..