يشكو الراكب بداية من النقص الكبير في أعداد سيارات الأجرة إضافة إلى زيادة التعرفة بشكل لافت, ويقف فوق هذا كله الحالة المزرية لمعظم سيارات الأجرة حيث يهترىء الفرش فيها, وتتقادم قطعها بفعل الاستعمال الطويل, دون أن يلجأ السائق إلى استبدالها بحيث تبقى في حالة لا تليق بالاستخدام البشري وتنتشر المئات من سيارات الأجرة التي تشبه الحطام, وتبرز من بين جنباتها هياكلها المعدنية الصدئة فاسحة المجال أمام تراكم الأتربة والغبار لفترات طويلة دونما عملية واحدة لصيانة أو تنظيف, ويراقب رجال المرور في الغالب هذه الحالة, لكنهم يتساهلون في اتخاذ أي اجراءات رادعة متذرعين بإفساح المجال لأكبر عدد من السيارات لزجها في الخدمة, إضافة إلى مسألة التساهل الأخلاقي واستخدام عبارة »حرام« الأمر الذي ينتفي معه تطبيق القانون وضياع بنوده وفقراته بين التساهل »وبوس اللحى«..
ويشكو السائق من تراجع الدخل وعدم كفاية الأجرة التي تظهرها شاشة العداد, ويتندر برواية القصص عن طبيعة وأمزجة وطلبات الركاب, في حين يحابي رجال المرور بعض السائقين المحظوظين ويسمحون لهم بالوقوف في بعض الأماكن ذات المردود الأكبر, فيما يمنع هذا الامتياز عن السائقين الذين لايعرفون كيف يتدبرون أمورهم, وتقف فوق هذا كله الغرامات والمخالفات التي تجافي المنطق ولاتتناسب وحجم المخالفة المرتكبة..
أما شرطي المرور فشكواه فوق الجميع باعتباره المرجع الذي يحمله الجميع مسؤولية الأزمات, فهو يعمل لساعات طويلة في ظروف مناخية متباينة, ويتعرض لمضايقات شتى من قبل سائقي المسؤولين, ويسمع تقريع رؤسائه فيما إذا اشتكى إليهم واحد ممن فكر بمخالفتهم, وفوق هذا كله لايستطيع تطبيق بعض العقوبات بحق المخالفين مالم تكن هناك شكوى رسمية من أحد الركاب في الوقت الذي يشهد فيه امتناع بعض سائقي السيارات العامة عن إيصال بعض الركاب, لأنهم يبحثون عن الركاب »الأكثر دسما«..
ولكن الحقيقة الثابتة في هذا المجال هي أن القانون وحده الذي يشكو أطراف النقل الثلاثة, حيث يتساهل المواطن في المطالبة بحقه, ويتجاوز السائق النظام والقانون, ويضعف الشرطي أمام الظروف الضاغطة واكتظاظ الشوارع بالسيارات, وبذلك تستمر الأزمة, وتضيع المسؤولية..
ويبقى أن الحل ليس سهلا, لكنه بذات الوقت غير مستحيل..?! ويمكن أن نبدأ الآن..