وأكدت أوساط أوروبية أنه لا يمكن للعالم أن يبقى محكوماً برغبات حفنة من المستوطنين الإسرائيليين, في إشارة إلى ما يجري تسويقه من أن إخلاء المستوطنات مسألة يجب أن تطرح على الاستفتاء, بينما يتواصل العمل في بناء مستوطنات جديدة واستقدام مستوطنين جدد من فرنسا والهند وغيرهما.
تصريح موارتينوس وعلى الرغم من الثقة بجديته غير كاف لمواجهة التدهور الحاصل في المنطقة, ولابد من تحرك عربي وأوروبي وعالمي فاعل يعيد قراءة مفردات الصراع ويسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية ويضع الأمور في نصابها, ذلك أن إسرائيل - وحكومة شارون - ما كانت لتستطيع تحدي العالم والوقوف ضد رغباته لولا الولايات المتحدة الأميركية التي تدعمها وتحميها وتتبنى طروحاتها بالمطلق.
فإدارة الرئيس جورج بوش التي أدارت ظهرها لأسس عملية السلام وابتدعت خطة خارطة الطريق, تخلت حتى عن رؤيتها المتواضعة في هذه الخطة, وإلا كيف يمكن فهم تراجعها عن انتقاداتها السابقة لتوسيع الاستيطان? وكيف يمكن فهم تصريحات المسؤولين الأميركيين من أن البيت الأبيض متمسك بالخطة وبرؤية الرئيس بوش, بينما الزمن تجاوز البرامج الموضوعة لتنفيذ مراحل الخطة الثلاث, فضلاً عن أن الإجراءات الإسرائيلية (الاستيطانية وغير الاستيطانية) دفنت الخطة بعد إعلانها بأسابيع قليلة?!
إعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها على بناء ألف وحدة استيطانية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة يضع ألف عقبة جديدة أمام السلام, وموافقة الإدارة الأميركية وإقرارها بحاجة إسرائيل لذلك يعد تواطؤاً واضحاً وانقلاباً خطيراً على الأسس والمبادئ يسهم في تعقيد الوضع بالمنطقة ويدعم محاولات إسرائيل فرض سياسة الأمر الواقع المرفوضة عالمياً.
وإذا كان البعض يسوغ الموقف الأميركي بحجة المرحلة الانتخابية الحرجة, فإن مجرد ارتهان الإدارة الأميركية لحفنة من الناخبين والأصوات الصهيونية يعد سبباً كافياً للعالم ولدول المنطقة لسحب الثقة من واشنطن وإعفائها من الدور المنوط بها كراع أساسي لعملية السلام.
وإن البعض منا - وللأسف - الذي ما زال يراهن على دور أميركي ويرى أن القضية الفلسطينية بات من الممكن اختزالها بمسألتي الإصلاحات الفلسطينية وتدريب عناصر أمنية, مطالب بمراجعة عناصر الصراع الأساسية والوقوف على حقيقة أن إسرائيل لن تتوقف عن الاستيطان والقتل والإرهاب والتهجير, وهي ماضية بتنفيذ مخططاتها العدوانية... والولايات المتحدة التي تردد باستمرار, بمناسبة وبغير مناسبة, التزامها بأمن وتفوق إسرائيل لن تغير سياساتها ما لم ندعها تشعر بأن استمرار تحالفها مع إسرائيل على حساب الحقوق العربية يشكل تهديداً حقيقياً لمصالحها في المنطقة.