هناك قضية نقتات من دمها, بل من عظامها, انظروا, إن أيدينا, عيوننا, ملطخة بذلك الاغتيال الكبير, وماذا يبقى منا حين نغتال فلسطين?
نقول هذا لأن الفجيعة باتت أكبر من التصور. ونحن لانعتمد على مجرد التصريحات, وعلى ماتقوله النعامة وهي على وشك أن تخبىء رأسها بتراب المقبرة هذه المرة, ولا على ما تقوله الببغاء التي تجعلنا نشعر بالتقزز حتى من دقات قلوبنا. أليس هناك من سبيل لوقف ذلك الفساد العظيم?
سمعنا مسؤولين كباراً يلامسون ذلك بسرعة مذهلة. لقد تحدثوا عن أخطاء, وعن معالجة معمقة. كيف? هذا سر من أسرار الآلهة, لكننا التقينا مثقفين فلسطينيين, ومقاومين, وأناساً عاديين. إنهم يتحدثون عن الأهوال, ويقولون إننا نصنع بأيدينا النكبة الكبرى. هنا أرواح شريرة تدخل إلى لحمنا وتقتل تلك الفلسطين الجميلةالتي في كل شيء فينا. سلاطين ومهرجات ومهرجون. لا تنظروا فقط إلى الأوداج المنتفخة , وإنكم لتشاهدونها على الشاشات, بل انظروا إلى الضمير الذي كان يفترض أن يقودنا في الصراع فإذا به يتلاشى في ضجيج المال, وسحر المال, وبشاعة المال, ناهيك عن الجاذبية الخشبية للسلطة.
إذا, لماذا يسقط أولئك الأطفال,والرجال, والشيوخ والنساء. الآن, المهرجات لايمتطون ظهور الأحياء, بل إنهم يمتطون ظهور الموتى. هل يمكن أن تصدقوا ذلك?
إن أشياء تحدث فوق التصور. كيف يتحول الدم إلى ذهب وكيف يتكدس الذهب فوق الذهب. أليس هناك من يقول: أيها السيد الضمير.. تقدم!
يا أيها الذين تقولون لنا إن وضع اليد على الفساد يعني وضع اليد على المستحيل. هل الرؤوس -وحين تكون هناك ثورة- محرمة إلى هذا الحد: إذا, لماذا لاتكون أرواح الذين يسقطون (بل يرتفعون) من أجل فلسطين محرمة أيضاً. ترانا نستطيع أن نفهم ومن يجيبنا?
الحقائق أضحت تحت أشعة الشمس. أكبر من أن يتسع لها بطن النعامة, أيضاً بطن الببغاء التي لا تزال تعمل رغم كل ذلك الموت الذي يزدرد فلسطين قطعة قطعة, طفلاً طفلاً صرخة صرخة. هنا المرض الكبير الذي في الروح والذي يفترض اجتثاثه. أليس هناك من جدار آخر يقيمه الفلسطيني المرصع بالذهب مع الفلسطيني المرصع بالدم?
من يقرأ أيها السادة? أجل, من يقرأ, للإسرائيليين إياهم وهم يتحدثون عن الفلسطينيين الذين يصنعون فلسطينيي الشتات. وكيف تبقى فلسطين ولمن? حين يهبط الجراد من أعلى, ثم يقف عبر شاشات التلفزيون ويتحدث عن الجوعى, والمعذبين, والذين فقدوا أجزاء من جسدهم.. ودائماً من أجل موت آخر يمشي, ويتأقلم, مع عقارب الساعة..
هذه لغة الجراد تسقط علينا. إذا, من يأكل فلسطين? وكيف تقنعنا تلك الأفواه التي تخالها ملأى بالكلام, فإذا بها ملأى بالعار. هذا لأن الفضائح التي توضع أمام الجميع, وغدا تنفجر كلها أمام الجميع, أكبر من أن يتصورها أولئك الذين ترعرعوا في كلمتنا الكبرى, قضيتنا الكبرى, بل وعدنا الكبير: فلسطين!
ألهذا الحد تصل الفضائح? وهل صنعت كل تلك الأجهزة, وهل تم ابتداع تلك المناصب من أجل أن يلاحق الضمير, هكذا بالحجارة?
يحمل آرييل شارون الذي يتقيأ العظام تلو العظام, فضائحنا ويجول بها في أصقاع الدنيا. انظروا هذه هي بضاعتهم, ودون أن يعبأ بالأنقياء الذي يموتون في الأرض.
ومن أجل الأرض. هؤلاء هم المجهول. من يجعل من هؤلاء.. المجهول?
كل الفلسطينيين يعرفون من هم أصحاب الرؤوس المحرمة واحداً واحداً. ولكن إياكم أن ترفعوا الصوت. إن للعصا آذاناً صاغية, عصا ذوي القربى. وإنها لأظلم..