والأخطر من ذلك هو التعاطي العربي الهش مع ما يجري على أرض العرب ومن حولهم, وما يوفره ذلك من فرص ذهبية للأعداء للإمعان في عدوانهم ضد العرب والاستمرار بتنفيذ مخططاتهم دون عناء وهو ما يتضح جلياً في العراق وفلسطين, حيث تتقاطع الأساليب الأميركية والإسرائيلية في استهداف العراقيين والفلسطينيين بشتى الأسلحة المتطورة.
فالعرب في هذا الزمن لم يعودوا فاعلين بل منفعلين على الدوام وهو ما أتاح المجال للطامعين بمقدراتهم الاستمرار بتصعيد نهجهم العدواني ضدهم دون أن يتكلفوا أعباء إضافية, بل على العكس من ذلك فإن العرب هم من يتحملون عبء وتكاليف الحروب التي تشن ضدهم, مما فاقم الأخطار التي تهدد مستقبلهم ومصيرهم وضاعف من مشكلاتهم السياسية والأمنية والاقتصادية إلى درجة فقدوا فيها السيطرة على استقلالية قرارهم السياسي والأمني.
المسؤولية عما وصلنا إليه من تردٍ في أوضاعنا يتحملها الجميع, وإن كانت الحكومات العربية القاصرة عن فهم وتفسير وتقويم الأخطار والمترددة والعاجزة عن مواجهتها تتحمل العبء الأكبر في هذا الشأن, لعدم استثمارها الطاقات المهدورة أو محاولتها لذلك في درء هذه التحديات المستمرة والمتواصلة.
فعلى مدى العقود الماضية اكتفت معظم هذه الحكومات باتباع سياسات قاصرة قائمة في معظمها على ردود الأفعال السريعة التي غالباً ما تكون نتائجها سلبية وخيمة وفعاليتها محدودة إن لم تكن معدومة معتمدة في ذلك على اجترار نفس السياسات والأساليب لمواجهة أي حدث أو تهديد طارئ ضاربة بعرض الحائط التحولات الجديدة التي طرأت على الوضع الدولي والاقليمي, وضرورة أخذها بعين الاعتبار في التعاطي الفعال والجدي مع الأخطار التي تحيط بنا من كل جانب.
وأمام هذا الواقع الشديد الصعوبة الذي يواجهه العرب جميعاً لا يكمن الحل بالتسليم واليأس والقنوط وترك الأعداء يرسمون لنا مصيرنا إلى الهاوية, بل بالعودة إلى استنهاض مجتمعاتنا المعطلة وتجميع قوانا المبددة واستثمار حالات النهوض والمقاومة هنا وهناك إلى أقصى حدودها, فالأخطر من التحديات التي تواجهنا تلك المحاولات التي تهدف إلى تيئيسنا وإقناعنا بأننا غير قادرين على النهوض مجدداً.