هو حالة خطيرة وغير مسبوقة في العلاقات الدولية وفي الأعراف والتقاليد والأخلاق التي عرفتها البشرية خلال مسيرتها الطويلة .
والأخطر من هذه الحالة هو ذهاب بعض الأطراف الدولية إلى ترديد نغمة الإرهاب التي تعزف عليها الولايات المتحدة وإسرائيل, والتي تعتبر الشعب العربي الفلسطيني إرهابيا تجب معاقبته وبالمقابل مكافأة الكيان الإسرائيلي عبر الحفاظ على أمنه المزعوم ,ودعمه بكل أنواع المساعدات المادية والمعنوية والدبلوماسية.
هاتان الحالتان الشاذتان في العلاقات الدولية , أي السكوت على العدوان من ناحية وقلب الحقائق من ناحية أخرى , تستدعي من المنظمات الإنسانية والحقوقية في العالم التحرك فوراً لتصحيح هذه المعادلة المقلوبة عبر التكاتف والعمل المتواصل لإجبار إسرائيل على وقف عدوانها الفظيع على الفلسطينيين واحترامها الشرعية الدولية .
وتأتي دعوة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) لتأمين الحد الأدنى من الحماية للفلسطينيين وخصوصا حماية الأطفال وتلاميذ المدارس من القناصين الإسرائيليين, لتفتح المجال أمام منظمات العالم الإنسانية والقانونية لوقف هذا السيل الجارف من عمليات القتل والاغتيال والاستهداف المباشر للأطفال الصغار .
صحيح أن دعوة الوكالة جاءت بعد تعرض المدارس التابعة لها في قطاع غزة لإطلاق نار من قبل جنود الاحتلال, ما أسفر عن مقتل طفلة صغيرة وهي جالسة على مقاعد الدراسة, وإن الدعوة متأخرة إلا أنها تساهم بكل الأحوال في حث المنظمات الدولية على اتخاذ مواقف مشابهة نحو الضغط على المجتمع الدولي لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني, وقد كانت مواقف المنظمة العالمية لحقوق الإنسان التي وصفت ما يحدث في غزة بأنه انتهاك صارخ لكل أعراف الإنسان ومواثيقه وحقوقه لتزيد من مساحة التفاؤل بانتقال هذه المنظمات إلى مراحل ايجابية في طريقة تعاملها مع العدوان الإسرائيلي.
إن الأمر المثير للحزن أن قضية الشعب الفلسطيني لاتزال مدرجة على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ ستة وخمسين عاما والتي أصدرت هيئاتها المختلفة مئات القرارات بشأنها من دون جدوى بسبب تسلط القوى العظمى على قرار المنظمة الدولية, وتسترها على الكيان الإسرائيلي ,ولهذا فإن الحاجة ماسة لكل المنظمات الإنسانية والحقوقية لمراجعة مواقفها تجاه قضية هذا الشعب المظلوم بحيث لاتتركها - رغم شرعيتها ووضوحها - فريسة لوأدها من قبل الكيان الإسرائيلي .