إلا أن الأمر الأكثر إلحاحاً في هذه المسألة هو أن إصلاح المنظمة الدولية بات أكثر من ضرورة بهدف رفع الهيمنة المفروضة عليها وإعطائها الدور المنوط بها والذي أنشئت من أجله.
فالأمم المتحدة بهيئتها ومجلسها ومنظماتها المتخصصة ليست تجمعاً للفقراء والضعفاء, كما وصفتها الإدارة الأميركية في وقت سابق من العام الماضي, ولا يجوز أن تكون كذلك!!
وإذا كان الرئيس الأميركي جورج بوش قد استهان بالأمم المتحدة في حربه العدوانية على العراق بقوله: إنه إذا لم تعتمد الأمم المتحدة قراراً ذا معنى إزاء العراق, فإن بلاده مستعدة بموافقتها أو بدون موافقتها لمهاجمة العراق, فإن الأسرة الدولية مدعوة في الاجتماع السنوي للأمم المتحدة لإثبات قدرتها على معالجة القضايا المطروحة عليها, والقيام بإجراء تغيير جوهري في آلية عملها.
وبالتالي هي مطالبة بإعادة النظر في الأطر القانونية والسياسية التي تنظم آليات عملها, وإذا كانت بعض الدول والقوى البارزة والمؤثرة على الصعيد العالمي سياسياً واقتصادياً أخذت تطالب بضرورة توسيع مجلس الأمن الدولي مؤكدة حقها بامتلاك مقعد دائم في المجلس, فإن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مدعوون للمطالبة بسن تشريعات أممية جديدة تضمن تحقيق العدالة السياسية في المجتمع الدولي.
وقد تكون المطالبة بجعل قرارات الجمعية العامة قرارات ملزمة من أهم الإصلاحات التي ينبغي إجراؤها, ذلك أن اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي وبسبب من الهيمنة الأميركية عليه, إن من خلال سياسة الابتزاز والضغط التي تمارسها واشنطن, أو من خلال استخدامها الجائرو المفرط لحق النقض /الفيتو/ لم يعد أسلوبا ناجعاً أو مجدياً.
فكثيراً ما فشل مجلس الأمن الدولي- لهذين السببين- بإتخاذ قرار إزاء العديد من القضايا المطروحة - ولاسيما العربية منها- في حين يتم اتخاذ مثل هذا القرار في الجمعية العامة بالأغلبية الساحقة التي كثيراً ما وضعت الولايات المتحدة وإسرائيل في وضع محرج وأظهرت عزلتهما الدولية.
وما يمكن سوقه في هذا الاتجاه وخلال فترة زمنية قصيرة قد لا تتجاوز العام يعد بالعشرات من القرارات التي اتخذتها الجمعية العمومية بالأغلبية ,فمن تعطيل الولايات المتحدة لدور مجلس الأمن بالتحقيق في مجازر إسرائيل الإرهابية في جنين ورفح, إلى امتناعها عن التصويت على القرار ,1435 إلى اجهاض قرار يدين بناء الجدار العنصري الفاصل, إلى..
وهو الأمر الذي كان يمثل في كل مرة خروجاً فظا ومرفوضا على الإجماع الدولي, ويشكل تهديدا خطيرا لوحدة مجلس الأمن وتقويضا لدور الأمم المتحدة في حل الخلافات والمشكلات الدولية وسعيها لايجاد حلول عادلة تنهي الصراعات والنزاعات الناشئة والمزمنة.
أن من شأن إحداث الإصلاحات المطروحة منذ العام 1993 على صعيدي إصلاح آلية عمل الجمعية العامة السياسية والقانونية, وتوسيع مجلس الأمن الدولي ووضع حد لأزدواجية وتعدد المعايير التي تكيل بها الولايات المتحدة دون أن يكون بمقدور الأمم المتحدة قول كلمتها وتنفيذ إرادتها في إحقاق الحق وتحقيق العدالة, إذ لا يمكن فهم التشدد بتنفيذ القرارات الدولية في مكان والامتناع عن تطبيقه في مكان آخر,بل وعلاوة على ذلك تشجيع بعض الأطراف على رفض هذه القرارات وتحديها, كما هو الوضع مع الحالة الدولية الفريدة والنشاز القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.