اما عملية تسويد الورق , فهي معجزة ابداعية , يسعى اليها الكاتب .. وهو في سعيه هذا , يبحث عن الحرف الاول , الذي يقوده الى العيش , اذا ما اعتبرنا ان الكتابة ,هي روح الكاتب, وسبب وجوده في الحياة.
ومع اهمية الكتابة والكتاب, في القاموس الرسمي العربي , فان جسد المبدع , نادرا ما يشكل ظلالا واسعة ووارفة , يمكن الاستظلال بها , وهذا ما جعل دوره يعيش حالة من الانكفاء المريع , رغم التكنولوجيا الحديثة , التي يمكنها ان تساهم في توصيل صوته الى الآخر , المعني بقضايا الوطن والامة.
رأي المبدع مجزوء , وغالبا ما ينظر اليه باعتباره طرحا افلاطونيا غير قابل للتحقيق, واحيانا يخضع لتأويلات جهنمية , لا تمت الى واقع الحال بصلة.. وهو ما دفع احد الكتاب العرب الكبار الى القول : لم ار كلمة عادلة انتصرت . ورغم سوداوية هذا الرأي, فان الناظر الى هذه الارض المترامية الاطراف , يرى دلالاته واضحة , والقابض عليه كالقابض على الجمر , لا حول له ولا قوة , سوى الامل, والجري نحو بصيص ضوء, قد يظهر من بعيد , ليتحول مع الزمن, الى مرتكز يستند اليه المبدع , ليحيله الى واقع ابداعي, ينتج من خلاله الالم والامل معا , ويسود صفحات ورقه الابيض , قبل ان يتجسد فيه شيب او كفن.
الالم , لم يكن , وقود المبدع ابدا , كما يعتقد البعض, ولكنه بالتأكيد , سيرورته في الحياة , لانه يحسها ويتعايش معها.