مخالف لميثاقها عندما لا يستدعي الأمر ذلك كما هو الحال في القرار .1559
فإذا كان الوضع المأساوي والخطير في غزة والأراضي الفلسطينية عموما لايتطلب من وجهة النظر الأميركية إفساح المجال أمام المجتمع الدولي للتدخل ومنع تواصل جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين, فما الذي دفع بالولايات المتحدة لإبراز عضلاتها والتعبير عن أحاسيسها فيما يتعلق بالوضع في دارفور وكوسوفو سابقا, وكيف يمكن تفسير هذا الموقف الأميركي الفظيع في ازدواجيته بغض النظر عن الفارق الشاسع بين وحشية الجرائم الإسرائيلية وطبيعتها المنظمة, قياسا بما يحدث بين ميليشيات في دارفور وعدم جواز المقارنة بين صراع سياسي لفصائل متناحرة وإرهاب دولة منظم ضد شعب يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي..!
الأمر واضح وليس فيه أجوبة فأميركا لاتريد لمجلس الأمن كزراع فاعل للأمم المتحدة أن يلعب أي دور ضمن صلاحياته لا ينسجم مع السياسة الأميركية في العالم ,وأميركا التي وضعت هذا المجلس أمام واقع غزوها واحتلالها للعراق تكبل هذا المجلس باستخدامها المفرط للفيتو وتمنعه من القيام بواجباته ومهامه خلافا لمواقف غالبية أعضائه, وليس هناك أي أمل بتخلي أميركا عن هذا السلوك المعطل والمعرقل للشرعية الدولية في منطقتنا العربية مادامت (إسرائيل) موجودة وفاعلة والعرب غائبون ومشتتون وغير فاعلين.
للأسف نجحت أميركا في جميع مواجهاتها السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية مع العرب منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين, ولكنها تراخت حتى الآن في كسب معركة إقناع الدول العربية بعدم جدوى التوجه إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي لمساعدتها على استعادة حقوقها ودرء العدوان والإرهاب الإسرائيلي ضدها.
والتراخي الأميركي في هذا الشأن له مبرراته ودواعيه, فأميركا لاتريد أن تغلق هذا المنفذ أمام الدول العربية لأنها تدرك عجزها عن إنتاج عناصر القوة التي تستطيع من خلالها تجيير المصالح الأميركية مع الدول العربية بما يخدم مصالحها في مجلس الأمن.
إن الإصرار العربي على اللجوء إلى مجلس الأمن خلال السنوات الأربع الماضية لكبح العدوان والإرهاب الصهيوني المتصاعد ضد الفلسطينيين دون توفير مقومات نجاح هذا التوجه, لايعدو عن كونه تعبيرا عن العجز والضعف وهروبا من مواجهة الواقع والتصدي له, والصمت الذي يلف الدول العربية بعد كل فيتو أميركي أبلغ دليل على هذا الواقع المؤلم.