ومع هذا فإننا نستبق الأمور لنقل هموم المواطنين ولاسيما أصحاب الدخل المحدود الذين زادت متطلباتهم أضعافا مضاعفة وانعكست كنفقات باهظة في موازنة الأسرة ومن بينها عبء فاتورة الصحة الاعتيادية أو الطارئة .
صحيح أن النظام الصحي في سورية مصمم بطريقة مجانية الخدمات الصحية الحكومية وشموليتها وتوسعها إلى جانب تشجيع القطاع الخاص لتوفير الخدمات الصحية المختلفة, غير أن الصحيح أيضا أن المواطنين لا يمكنهم جميعا الاعتماد على المشافي والمراكز الصحية الحكومية ومن حقهم كذلك توسيع خياراتهم, ولهذا فإن مهمة المؤسسات الصحية العامة ليست سهلة لتطوير نفسها لتكون قادرة على المنافسة, وكذلك فإن مهمة الوزارة تتضاعف في الإشراف والرقابة على العيادات والمراكز والمشافي الخاصة أو الخيرية أو تلك التي تتبع للنقابات المهنية والمنظمات الشعبية وغيرها .
ومثلما نرى أمثلة ناجحة عن القطاع الصحي في بلادنا نرى كذلك أمثلة تسيء الى هذا القطاع ومن بينها الجشع المادي لبعض العيادات والمشافي الخاصة لدرجة مذهلة .. فكثير من العمليات الجراحية- مثلا- تفوق كلفتها ماهو مطبق في الدول الصناعية وبالتالي تغلب في هذه الحالة النظرة التجارية الخاطئة على الجانب الإنساني لمهنة الطب المقدسة بحجة أن ذلك استثمارا مشروعا لمباني وأجهزة حديثة وغيرها .
ولكي نتجنب مثل هذه الحالات ولتبقى العلاقة بين الطبيب والمريض علاقة متميزة بمحتواها الإنساني البعيد عن الأمور المادية فإنه من الضروري عدم التأخر- أولا- في إصدار تسعيرة عادلة للمعاينات والعمليات الجراحية بعدما سمعنا وعودا كثيرة بأنها ستصدر قريبا خصوصا وأن رئاسة مجلس الوزراء وافقت على اقتراح وزارة الصحة ونقابة الأطباء بشأنها.
والأهم من ذلك- ثانيا- هو إخراج مشروع الضمان الصحي إلى النور بعدما تم الإنتهاء من دراسته وإعداد التعليمات التنفيذية له وفقا لتجارب ناجحة في دول ظروفها شبيهة بظروف بلادنا.
وطالما يشمل الضمان الصحي جميع أشكال الرعاية الطبية التشخيصية والعلاجية والجراحية والخدمات الفردية الوقائية للمشتركين فيه, وطالما يعطي للهيئة المشرفة عليه صلاحيات واسعة للتعاقد مع المؤسسات التشخصية والعلاجية والتأهيلية الموثوقة والأطباء العامين وأطباء الأسنان والاختصاصيين وغيرهم .
فإن الإسراع في تطبيقه يعتبر مطلبا ملحا لجميع شرائح المجتمع من موظفين في قطاع عام أو خاص أو من المتقاعدين مقابل اشتراك بسيط وميسر ومحدد لا يمكن تجاوزه.