تماما كما امتد تضامن الجيوش العربية مشرقية ومغربية, وتعبئة الشعوب عسكريا ومعنويا في وجه جيش من أعتى الجيوش في العالم, وأكثرها بطشا وبعدا عن القوانين المتعارف عليها من عدم التعرض للسلب والنهب أو إلحاق الضرر والأذى بالمدنيين كما فعل في حرب حزيران 1967 وكما يفعل الآن.
أقول تشرين عاد.. والأمجاد لاتزال تستعاد.. ولكن مع الألم والغصة والحرقة.. فأين هذا التضامن العربي المنشود? صحيح أنه لايزال في ضمير الأمة وفي كلمتها العليا وفي سورية على وجه التحديد.. لكن العراق قد سقط.. وتفرق من تفرق من العرب أيدي سبأ كما يقال في المثل.. وأحاطت المؤامرات الاستعمارية الأمريكية بكل أجزاء هذا الوطن, بينما فلسطين تثخن بالجراح.. وتقدم الضحايا كل يوم وتمتلىء قلوب أبنائها بالفجيعة والنواح.
أقول تشرين عاد.. ومازلنا نذكر تلك الأيام التي التحم فيها الشعب العربي السوري حول كلمة واحدة.. وزعامة واحدة هي الرئيس الراحل حافظ الأسد.. وقدم التضحيات ليس من أبنائه فقط بل من صموده وصبره على المحنة حتى استرد جزءا من أرضه.. وحمى بقية الأجزاء من أن تكون نهبا للأعداء.
وإذا كنا نستعيد أيام تشرين الخالدة.. فذلك لأننا نريد أن نرسخ في أجيالنا القادمة تلك القيم والمفاهيم التي لن تتخلى عنها سورية بأي حال من الأحوال.. قيم الكرامة والحرية والدفاع عن الوطن ومقدساته.. وعن أبنائه وبناته. وها هو النهوض الذي تتضح معالمه يوما بعد يوم يؤكد أن الشعوب الحية, وإن هي تتعرض للحصارات والهجمات فهي لاتزال على عهدها ووعدها بالوفاء لتاريخها ولضمير أمتها ولمبادئها القومية.. وأن الطريق التي صممت على السير فيها لتقدم شعبها وتحديه لكل المصاعب لاتزال هذه الطريق تضاء بمشاعل النصر.. والنصر ليس نتيجة للحرب.. بل هو النصر على الذات.. وتخطي كل الصعوبات.
تشرين عاد.. ولماذا لا يعود فرح فوق المعتاد يزغرد في الفؤاد? لماذا لا تأتلق نجومه فترفرف فوق علم البلاد? أحرار ومستقلون نحن.. وصانعون للتاريخ نحن.. ولابد أن نصل الماضي بالحاضر ويكون أملا يتحقق ومثل ماء الحياة يظل يتدفق.