فالاسرائيليون أعادوا إجترار مواقفهم السابقة إزاء ترسانتهم النووية التي تهدد أمن المنطقة والعالم, ولايشكل اشتراطهم تحقيق السلام في المنطقة للدخول أو القبول بمناقشة برامجهم النووية أي تطور يذكر, وماهو إلا نوع من الخداع والكذب في ظل رفضهم الانصياع لقرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد لتحقيق السلام.
الجديد في الموضوع تمثل بتصريحات البرادعي حول إدراكه أكثر من السابق (قلق اسرائيل ومواقفها الأمنية!!) وبنفس الوقت تأكيده بشعور دول المنطقة بأن هناك عدم توازن وازدواجية دولية في التعامل مع السلاح النووي الاسرائيلي واضعا بذلك في سلة واحدة من يملك السلاح النووي وترسانة هائلة من الأسلحة التقليدية الحديثة والمتطورة, التي لاتملكها بعض الدول المتقدمة, والدول العربية التي تمنع من استيراد الأسلحة التقليدية الأقل تطورا للدفاع عن نفسها من الأخطار التي تتهددها وعلى رأسها الخطر الاسرائيلي.
إن استمرار التعامل الدولي بهذا الشكل مع اسرائيل وبرامجها النووية, وبالمقابل ممارسة الضغوط والتهديدات بفرض عقوبات ضد بعض الدول الموقعة على اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي, وتسعى للاستخدامات السلمية في هذا المجال تحت رقابة الوكالة الدولية من شأنه خلق تصدع في الرغبة الدولية المتصاعدة للتخلص من الأسلحة النووية, وترسيخ القناعة السائدة لدى شعوب العالم والمنطقة تحديدا باستحالة أو صعوبة تحقيق العدالة ,والتخلص من الازدواجية في معالجة هذا الموضوع, وخاصة من قبل بعض الدول الأساسية في مجلس الأمن مما يتسبب باستمرار الضعف والانهيار في المؤسسات الدولية.
المفارقة في موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعاملها المترافق بالتهديد والوعيد يفرض العقوبات على إيران, ومثيله مع إسرائيل القائم على الدبلوماسية المفرطة بالتهاون والتعاون لدرجة أن من أحد أهداف زيارة البرادعي إلى اسرائيل عرضه المساهمة في تمويل ومساعدة تطوير برنامج للطب النووي, وللأسف لم يثنه عن مناقشة هذا التعاون منعه من زيارة مفاعل ديمونه.
مبررات اسرائيل الواهية للاحتفاظ بسرية برامجها النووية ورفض إخضاعها للتفتيش الدولي, جزء لايتجزأ من رفضها الانصياع لقرارات الشرعية الدولية, المتعلقة بتحقيق سلام في المنطقة,والطريق لاخضاعها أو دفعها لاحترام القوانين الدولية لايتحقق بالاستمرار في تفهم مزاعمها واستيعاب أكاذيبها بل في تعريتها وابراز خطر أسلحتها النووية على السلم والأمن الدوليين وهو مايجب أن تفعله الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلى رأسها البرادعي قبل كل شيء.