ومن ثم انعقد مؤتمر نيويورك الاستثنائي عام 2000 وشهدته حوالى 150 دولة أيضا, للغرض نفسه.. وكلا المؤتمرين كانا تحت شعارات الأمم المتحدة في حقوق المرأة والطفل (والطفلة أيضا).. انبثاقا عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
والآن ينعقد مؤتمر المرأة الإقليمي في الشرق الأوسط.. في بيروت.. من جديد تحت شعار (السلم).. وكأن التوصيات التي خرج بها المؤتمران السابقان لم تلق الاستجابات المطلوبة على المستويات الإقليمية أو المحلية أو الوطنية التي أشير إليها في السابق. فأصبح من اللازم (تجزئة) المؤتمر العالمي إلى مؤتمرات إقليمية, وتحت شعارات بعينها ذات دلالات, كشعار السلم مثلا.. وكأن المرأة وهي في سلّم الأولويات في الضرر هي التي ستغير دفة القيادة لسفينة الحروب لتجنح بها إلى شواطىء الأمن والأمان.. والسلم وحقوق الإنسان.
أما وأن الفقر الذي يتصدر جداول الأعمال في المنطقة وقد تحول إلى إفقار.. وإلى خراب الديار.. وخطف الأعمار فهذا مما يجب أن يرتبط أساسا بمشكلات المرأة النسائية قبل الأنثوية.
صحيح أن المرأة هنا في منطقتنا لها أوضاعها الخاصة والخصوصية جدا التي تختلف أيضا بين المجتمعات المدنية والأخرى الريفية وبالتعليم والأمية الخ.... لكن ذلك لا يمكن له أن يأخذ مساره الصحيح في ظروف الاضطرابات السياسية والمحن والكوارث التي تقع على الأرض نتيجة الاحتلال.. من انتقاص للقدرات العاملة.. والأخرى المبدعة.. ومن عدم توفر ظروف العمل الطبيعية.. هذا إذا توفر السلام وتوفرت بالتالي الشروط الموضوعية لتنفيذ ما يجب تنفيذه من أجل المرأة.. هذا إذا أصبحت فرص العمل متوفرة للطرفين معا الرجل والمرأة.. هذا إذا كانت موارد البلاد في أيدي أصحاب البلاد وليس التحكم بها عن قرب أو عن بعد في أيدي المحتلين وتجار الحروب والمخربين ومن يمتصون دماء الشعوب.
هذا وإن أوضاع المجتمع عموما في فلسطين المحتلة وفي العراق لم تعد خافية على أحد.. فهي مبثوثة في فضاءات الأرض ومن كل وجهات النظر.. لكنها في الحقيقة تعطي مؤشرا واحدا: هو أنه لا استقرار.. بدءا من صنع القرار وليس انتهاء بإعادة البناء أو الإعمار.
إن مشكلات المرأة النسوية وليس الأنثوية فقط هي بيد نساء منطقتنا محليا وإقليميا.. وهن اللائي يجب أن يناضلن من أجل حماية الأسرة وصيانة الأجيال من الضياع والخراب الذي يلحق بها كلما أغفلن العمل الجاد والدؤوب في التصدي لهذه المشكلات وهي تتفاقم يوما بعد يوم.
وإن كان السلم مطلبا عالميا فهو في منطقة الشرق الأوسط أصبح ضرورة ملحة في وجه الطوفان الذي لا يبتلع حقوق المرأة والطفل فقط بل حقوق الإنسان كإنسان.