- وإذا طالعت رواية, ولم تنل رضاك, ووجدت فيها مجرد تأوهات لغوية, نعتك مؤلفها بالقصور والجهل, لأنك لم تتعرف بعد على آخر ما أنتجه الغرب من روايات تجاوزت الواقع, الى مافوقه.
-وإذا كنت من هواة حضور المعارض التشكيلية, فعليك قبل مناقشة أصحابها, أن تتسلح بمعلومات وافية عن التكعيبية والتجريدية والسوريالية, وأن تلم بالكتلة والفراغ, وبما يسمى فضاء اللوحة..
وإلا اتهمت بذائقتك الجمالية, وبأنك متخلف, ولاتمتلك الحد الأدنى من الذوق الفني الرفيع.
وهذا يعني بالمحصلة, أنك إذا أردت أن تكون مثقفا حقيقيا, وأن تنال رضى هؤلاء جميعا, عليك أن تفهم في التكعيبية والتجريدية والبنيوية والتفكيكية وما بعد الحداثة وما فوق الواقع.. والى آخر هذه القائمة. أما ذائقتك الجمالية, وما يمكن أن تحب وتكره, فهذا شأنك الخاص, ومن المفترض أن لاتعبر من خلالها عن رأيك في أي عمل ثقافي أو فني, حتى يكون لكلامك قيمة و(سيما).
أذكر أن أحد الفنانين, أهداني منذ سنوات, لوحة لرجل عاري الجسم, لأعلقها في بيتي, كونها من منجزات الفن التشكيلي الحديث. وحين اعتذرت عن قبول هديته, هاج وماج, واتهمني بالتخلف وبعدم دخولي إلى عمق اللوحة وأبعادها الفلسفية?!! أما أنا فقلت له ببساطة: لو قبلت أصلا بالأمر من حيث المبدأ , فلتكن إذن صورتي أنا, وليس هذا الذي رسمته أنت. ثم وجدتني أتركه دون أن أسعى الى البديل, الذي لاطائل منه.