تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 14 /10/2004
علي قاسم
الرسالة المفتوحة التي وقعها ستمائة وخمسون خبيرا في الشؤون الدولية, وتدين السياسة الخارجية التضليلية لإدارة الرئيس بوش,

ليست رسالة عادية, ولاهي معروض سياسي للاستهلاك, بقدر ما تعكس القلق المتنامي من التداعيات التي أفرزتها تلك السياسة. وإذا كانت مضامينها السياسية ذات أبعاد متناقضة في هذا التوقيت الذي يشهد سخونة مفرطة في حلبة السباق الرئاسي, فإن الفكرة التي تولدها تعيد فتح أوراق طالما كانت حتى وقت قريب- من المحظورات في الممارسة الأميركية. فالنقاش الذي تفتحه قد تخطى الخطوط الحمر في الداخل الأميركي, ولن يكون بمقدور إدارة بوش تخوين أولئك, ولاتوجيه اتهامات التآمر على الأمن القومي الأميركي, كما لن يكون بمقدورها التغاضي عن الإسقاطات الكثيرة التي تحملها. والأكثر من ذلك أن هذه الرسالة قد أفضت تلقائيا إلى تلاقي النخب الأميركية مع مثيلاتها في الدول الأخرى, وهي تقرأ بمنتهى الوضوح النتائج الكارثية, وإن كانت تلك القراءة مشوشة بعض الشيء, وفيها الكثير من التناقض مع معطيات الواقع, إلا أن ذلك لايقلل من أهميتها. غير أن الأهم هو ذاك الخرق للتقليد المعروف ,حين أبدت العديد من الدول رأيها في الانتخابات الأميركية, بل وذهب البعض منها إلى إجراء اتصالات وفتح قنوات جانبية مع المرشح الديمقراطي, مبدية تأييدها ورغبتها في أن يكون الرئيس القادم للولايات المتحدة الأميركية. وعندما يتحول الأمر إلى شبه إجماع بين النخب والدول في النقاش الدائر, ثمة من يتساءل عن التحولات في سياق الموقف من السياسة التي تنتهجها إدارة الرئيس بوش, وهي تحولات لاتكتفي بالحديث المبهم عن تداعيات جزئية, بل في أغلبها تعكس وقائع فعلية على الأرض, وهو ما يبرز على الأقل في المفاهيم والمصطلحات وحتى التعابير التي كانت حتى وقت قريب خارج نطاق التداول. وبالتالي فإن إشارة البروفسور كوفمان صاحب فكرة الرسالة, إلى أن الأشخاص الموقعين لايتفقون عادة على أي شيء, تحدد أفقا جديدا لم يكن متاحا من قبل, ولاسيما حين تتلاقى مع موقف دول وشعوب طالما عانت من اضطهاد السياسة الأميركية وهيمنتها. ومع تزايد عدد المنطويين تحت راية المناهضة لتلك السياسة, رغم اختلاف اتجاهاتهم وتنوع أرائهم وحتى تباين مواقفهم, فإن الرسالة لم تعد, كما يوحي أركان الإدارة الأميركية, في سياق السباق الانتخابي, وإن كان لها بعض التأثير, بل هي تطور نوعي في أسلوب الممانعة أولا, وتصعيد في وسائل المواجهة التي خرجت من حيز التعبير الشخصي إلى إطار الموقف الذي تتزايد عوامل الرهان عليه ثانياً. وإذا كان من السابق التعويل عليه كظاهرة لها امتداداتها في مختلف أنحاء العالم, فإنه لايمكن غض النظر عن السياق الذي جاء فيه, ولايمكن تجاهل المعطيات التي ينطوي عليها. قد تكون هذه ارهاصات تضاف إلى ما سبقها من انتقاد وجهه دبلوماسيون أميركيون سابقون, ولكنها رغم ذلك تشكل مخاضا من نوع مختلف, ربما يطول بعض الشيء, وربما يحتاج لبعض التقييم, إلا أنه في المحصلة جزء من عملية تحول قد طغت على سطح العلاقات الدولية. لذلك كانت ردة الفعل من قبل إدارة الرئيس بوش متعجلة, واتسمت بالعصبية وهو ما ذهبت إليه توصيفات الكثيرين من أركان تلك الإدارة, وفي كل الأحوال لعبة شد الأعصاب تمارس دورها في هذا التوقيت الصاخب, حيث السباق المحموم يمكن له أن ينتج ما هو أكثر من ذلك..!‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30398
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30394
القراءات: 30391
القراءات: 30388
القراءات: 30393
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30386

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية