يقول للجميع إن صيامهم ليس الامتناع عن الطعام والشراب لساعات محدودات وإنما هو التمسك بحرية العقيدة والعبادات كحق من حقوق الإنسانية.. في زمن تناثرت فيه الشبهات.. وأصبح المسلم منا يتساءل: هل هي حملة على الإسلام باسم مكافحة الإرهاب والدعوة إلى السلام? وأي سلام هذا الذي ينشدون.. وباسمه يجاهرون بينما الأطفال يتساقطون كطيور ذبيحة.. والمنازل تهدم.. والأشجار تقتلع.. والأرض تقطع أوصالها بينما العيون على المساجد ودور الله.. والمعتدون ينظرون بمنظار ليس فيه نور الله.
رمضان يأتي.. والرمضاء التي اشتق منها اسم رمضان أو هو يعبر عنها ليست رمضاء الجوع والعطش.. بل هي رمضاء الصبر على المكاره والشدائد التي تتفاقم يوما بعد يوم.. حتى كأن غياب الطعام والشراب ليس سببا من الأسباب.. فماذا نقول إذن في الصيام الجبري والقسري الذي يفرض على المعتقلين والمسجونين? وماذا نقول في الصيام الاختياري لهؤلاء المسجونين والمعتقلين احتجاجا وصرخة في ظلام الظلم? وماذا نقول عن الذين يحرمون من أعمالهم وأموالهم وسعيهم وكسبهم حتى لا يجدوا قوت يومهم بصيام أو دون صيام?
ويهمس لنا المغتربون عن الوطن ولو كانوا في أكثر بلاد العالم حرية وديمقراطية كم يعانون في سبيل صيامهم.. وفي الوصول إلى المساجد لأداء قيامهم.. إنهم يصومون سرا لا جهرا.. وينتظرون مساء يطول ويطول حتى تغيب الشمس فيفطرون دون أن يثيروا انتباه أحد حتى ولو كانوا في مكاتبهم وأعمالهم.. فقد يتهمون بالتحيز للإسلام.. وقد يصنفون كما لو أنهم من دعاة الإرهاب.
رمضان يأتي رغم كل الصعاب.. رغم الكوارث والإرهاب ليقول للأجيال إن عليها أن تعود إلى الماضي القريب والآخر البعيد.. فكم من انتصارات حصلت في رمضان على مدار الزمان.. وليست حرب تشرين في رمضان عنا ببعيدة.. وصفحات التاريخ مهما مضى الزمن تظل نضرة وجديدة.
يأتي رمضان والروح تمتلىء شفافية بالإيمان.. لتطهر الأجساد كما القلوب.. وتحفظ للإنسان حرية اختياره في الأديان.