فشارون الذي تمر حكومته بأزمة سياسية وأمنية بعد إخفاقه في تمرير أضاليله السياسية على خصومه السياسيين الذين يطمحون لإسقاطه, يسعى بعدوانه على الشعب الفلسطيني للخروج من هذه الأزمة وإعادة خلط الأوراق السياسية داخل حكومته لاستغلال الظرف الانتخابي الذي تجتازه الولايات المتحدة في تحقيق ما يخطط له لجهة كسر إرادة المقاومة الفلسطينية والظهور بمظهر المنتصر أمام الناخبين, في حال جرى تقديم وعد الانتخابات الإسرائيلية, ولهذا السبب برر شارون العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة وبالتحديد مخيم جباليا بمنع إطلاق صواريخ القسام على المستوطنات الإسرائيلية لتضليل الرأي العام الدولي, وللأسف وجد شارون من بين الفلسطينيين والعرب من يطالب الفلسطينيين بوقف إطلاق صواريخ القسام لسحب الذرائع من شارون دون أن يسألوا أو يراجعوا تاريخ شارون الإجرامي الذي لم يرتبط في يوم من الأيام بوجود مقاومة فلسطينية أو عدمه.
فعندما شن شارون قبل أربعة أعوام عدوانه الواسع على الضفة الغربية لم يكن هناك إطلاق لصواريخ القسام, وأيضاً عندما ارتكب شارون جميع جرائمه الوحشية منذ احتلال فلسطين وحتى اليوم لم يرتبط ذلك الإرهاب والإجرام بأسباب فلسطينية, وإنما هو تعبير عن عقيدة إجرامية عنصرية تحكم العقل الصهيوني الغارق في الحقد والكراهية والعدوان والقتل وشارون نموذج فظيع لهذه العقلية.
إن على كل من يربط بين العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإطلاق صواريخ القسام على الاحتلال ألا يتجاهل هذه الحقائق الدامغة والتوقف عن التلطي خلف مشاهد القتل والدمار اليومية لمطالبة المقاومة بالانبطاح أمام الاحتلال, وبالتالي إعطاء شارون الفرصة لاستكمال مشروعه الهادف لإنهاء القضية الفلسطينية والقضاء على حق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة.
فالمقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي هي الضمان الوحيد لإفشال مخططات شارون في ظل غياب موقف عربي يواجه هذه المخططات, ومن العبث التحدث عن سحب الذرائع من شارون لوقف عدوانه الذي لم يرتبط يوماً بوجود ذرائع, وتصوير المقاومة الفلسطينية على أنها المسؤولة عن استمرار هذا العدوان دون طائل فهذا الموقف من جانب البعض يصب في خدمة السياسة الإسرائيلية وتستثمره إسرائيل على الصعيد الدولي ويشكل تشويهاً حقيقياً لنجاحات الانتفاضة على الصعيدين العسكري والسياسي.
فمن المفروض أن يسأل هؤلاء المطالبون بسحب الذرائع من شارون أيهما أفضل, أن تقوم المقاومة بواجبها المشروع ضد العدوان الإسرائيلي وتوقع به خسائر كبيرة أم أن يستسلم الشعب الفلسطيني لهذا العدوان..?
لا شك أن الخسائر الفلسطينية لا تقاس بما حققته الانتفاضة من خسائر في الجانب الإسرائيلي والتي تجاوزت 1000 قتيل وأكثر من عشرة مليارات دولار, والأهم من ذلك عدم شعور الإسرائيليين بالأمن وما ترتب على ذلك من هجرة معاكسة, وهو ما لم يكن يتحقق لولا المقاومة والانتفاضة.
في العقيدة الإسرائيلية ليس هناك مكان للسلام والرحمة وهذا لا يترك خياراً أمام الفلسطينيين إلا المقاومة للدفاع عن حقوقهم, هذا ما يجب أن يعيه دعاة (سحب الذرائع) والمقاومة السلمية.