رجلان يلعبان بكرة النار, الاختلاف: أحدهما يدفعها بيده والآخر بقدمه.
ثمة إمبراطورية طرحت نفسها هكذا: نحن كوكب آخر, هل هي المصادفة أن يموت النجم الهوليوودي الذي كان يتقمص شخصية السوبرمان عشية الانتخابات الكبرى? لا, لا, إن ثمة في البيت الأبيض من هو (السوبرمان) الذي يقود (السوبر أمة) إلى أين?
هذه هي ديزني لاند: المال يلعب, الشاشات تلعب, الغرائز تلعب, الفضائح تلعب, من الأفضل... ديك تشيني الأصلع أم جون ادواردز الذي يمضي ساعات في تصفيف شعره? من الأفضل... جورج دبليو بوش الذي يرتدي ملابس أشبه ما تكون بملابس عمال محطات الوقود في تكساس أم جون كيري الذي تشتري له زوجته, نجمة الكاتشاب, ربطات العنق من أرقى المتاجر في بوسطن?
إن آلفن توفلر, الباحث المستقبلي الشهير, هو الذي يقول: (في تلك اللحظة التي نتحول فيها إلى بلهاء), ساخراً من (ديمقراطية ديزني لاند) إياها. ثمة من يحرك المرشحين بواسطة الخيوط, وسواء أكانت الخيوط الإلكترونية أم الخيوط اليدوية, ليضيف أن ثمة مؤسسة (تحت كل الشبهات) هي التي تحكم الإمبراطورية: (بوش يفضل الوصول إلى المريخ, كيري يفضل القمر. لا أحد يريد أن يهبط, شاعرياً, على الكرة الأرضية). هو الذي قال ساخراً: (حين تتحول قاذفات القنابل إلى أحذية طائرة).
أي نوع من الأباطرة أولئك الذين ينتعلون ذاك الطراز من الأحذية? يسأل توفلر, ثم يقول: (إننا ذاهبون, بكل تلك الاحتفالية الفذة إلى... الغباء).
الثلاثاء الكبير إذاً. المسألة مسألة ساعات. أحدهما يتهم الآخر بالترقق الإيديولوجي, والثاني بالترقق الاستراتيجي..
منذ بدء الحملة الانتخابية, راحت صحيفة اللوبي اليهودي تحصي المرات التي تحدث فيها كل منهما عن إسرائيل (بحب, بل وبشغف إن لم نقل بذل) في لقاءات عامة: بوش 94 مرة, كيري 131 مرة. كاد المرشح الديمقراطي يقول أمام الناخبين اليهود في فلوريدا, وهي عقدة العقد: (أنا المواطن الإسرائيلي فلان الفلاني أترشح لرئاسة الولايات المتحدة). لا يحتاج المرشح الجمهوري أن يقول قولاً مماثلاً. فعل ما هو أكثر..
هذا شرق أوسط, قديم ومنهك وحالم أحياناً (إذا ما تسنى للحطام أن يحلم), ينفخون فيه فيصبح الشرق الأوسط الكبير. تعلق مادلين اولبرايت: (ذاك رئيس جرب كل أنواع الوحول, بما في ذلك وحول اللغة).
ولكن ألم تقل الـ (نيويورك تايمز), أنه سقط في كل أنواع الوحول. هذا لأن العظمة تقتات الوحول, لتلاحظ كيف تفتح هكذا - بعيون مغلقة- بوابات الدم..
أجل, حدث انزلاق لغوي: هل تريدون ديمقراطية على طريقة جمهوريات الموز? ثمة من يوقظ بابلو نيرودا: (السيدة الجميلة أصبحت أرملة الهواء), أي أن أرض بلاده التي حطم فيها الأميركي القبيح كل شيء اغتال فيها حتى الهواء.
ماذا يفعلون الآن, عشية الثلاثاء الكبير, سوى أنهم يتنافسون على من يقتل العالم أكثر..?
يقتلون أميركا أولاً. جامعيون يصرخون في هذه الساعات الأخيرة. وينددون بإيديولوجية المقبرة. أحدهم تحدث عن (ثورة القلق), وعن (زلزال اللاءات). بدأت الأجيال, تسأل, تعترض, تتأهب. هؤلاء الذين يغيرون الخرائط, هل يحمون, فعلاً, خريطة أميركا? إن ثمة انفجاراً. قد يكون بعيداً, لكنه الانفجار على كل حال.