تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 28/10/2004م
محمد خير الجمالي
قبل انتزاع موافقة الكنيست الإسرائيلي بأغلبية الأصوات على خطته المسماة بفك الارتباط من جانب واحد في قطاع غزة,

صعّد الإرهابي أرئيل شارون من عدوانه الدموي ضد القطاع على مدى شهر كامل, ثم قدم شرحاً مستفيضاً لخطته في الكنيست بيّن فيه فوائد الخطة على المستوى الاستراتيجي لإسرائىل في اتجاهي الحفاظ على ما سماه مكاسب حرب حزيران ,1967 وتقوية إسرائيل.‏

لقد حرص شارون على ألا يزايد عليه أشد اليمينيين تطرفاً ويصوره بأنه ينزع إلى السلام والتنازل أمام الفلسطينيين عن مواقف سجلها نتنياهو ومن يقف في صفه من غلاة الفكر الصهيوني, فاختار سياسة الأرض المحروقة وقتل أكثر من مئة فلسطيني ودمر مئات المنازل وارتكب العديد من جرائم الحرب الموصوفة في مدن القطاع ومخيماته,واحدة من مقدمات طرح خطته على الكنيست لانتزاع الموافقة عليها.‏

أما المقدمة الثانية فكانت في إثباته أن الخطة لاتتعارض مع أطماع إسرائىل في تجذير احتلالها للأراضي الفلسطينية مع التخلص من القطاع وحده, لما يشكله من عبء استراتيجي يستنزف الكثير من طاقات الاحتلال ويستحيل على إسرائىل السيطرة عليه,رغم أن شارون شمّل خطته السيطرة على مداخل القطاع ومجاله الجوي ومياهه الإقليمية, فيما كانت المقدمة الثالثة هي الادعاء بأن خطته جزء من عملية السلام ولاتحل محل المفاوضات, وذلك لخداع الرأي العام الدولي.‏

والواقع أن إصرار شارون على تنفيذ خطته يعود إلى إخفاقه في الوعود الانتخابية التي قدمها, وأكد فيها على إخماد الانتفاضة في غضون مئة يوم واستعادة الأمن الإسرائىلي المفقود, وكذلك إلى تجميل صورة إسرائيل بعد أن تعرت على حقيقتها ككيان يرفض السلام ويعطل جهوده ويتهرب من استحقاقاته ومتطلبات تحقيقه وأولها الانسحاب الكامل, والاعتراف للشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة.‏

فبخطة الفصل سيحاول شارون الادعاء أمام الإسرائىليين بأنه ضمن الأمن في جانب قطاع غزة بسحب قواته إلى مخارجه, فيما سيدعي أمام العالم أنه قدم ما اعتاد على تسميته بالتنازلات المؤلمة من أجل السلام بالفصل أحادي الجانب, وأنه اختار هذا النوع من الفصل لأنه لم يجد لدى الفلسطينيين (شريكا للسلام) على حد مايدعي ودوماً.‏

والصحيح في طروحات شارون فقط هو الجانب المتعلق من خطته بالتخلص من عبء قطاع غزة لما يحتويه من أكبر كثافة سكانية في العالم قياساً إلى مساحته الضيقة (350كم2 يسكنها 1,3 مليون نسمة), والجانب الإيديولوجي في شخصيته والذي لايسمح لأشد اليمينيين تطرفاً في إسرائىل بالمزايدة عليه في اليمينية والتطرف.‏

وإن كان لهذا كله من دلالة فهي أن شارون لم يضع خطته من أجل السلام والسماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة كما يدعي; بل صاغها من أجل احتلال أكثر أمناً ومن أجل تضليل العالم عن سياسته المعادية للسلام, الأمر الذي ينذر بتدهور للأوضاع في ظل الخطة أشد سوءاً مما سبق بكثير,كنتيجة أولية مباشرة أكثر من متوقعة لانسحاب شكلي يزيد من حدة الصراع بدل تهدئته. وهو ما حذر منه الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا مؤخراً بالقول (ما سيحدث لن يكون حلماً بل كابوسا).‏

 

 محمد خير الجمالي
محمد خير الجمالي

القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30382
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30387

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية