مبدأ مرفوضاً في العلاقات الدولية,ويعد مخالفة صريحة لأسس القانون الدولي,إلا أن الولايات المتحدة الأميركية تصر على جعله واحداً من أهم المبادىء التي تستخدمها في إطار سياستها الخارجية كأحد أساليب الضغط والابتزاز ضد كل من يعارضها أو لا يستجيب لرغباتها ولا ينصاع لإرادتها.
وعلى الرغم أيضا من أن التجارب التاريخية المتكررة قد أثبتت عدم جدوى العقوبات في تحقيق الغايات المراد تحقيقها,غير أن واشنطن لا تزال تتمسك بها لتحقيق أغراضها غير النظيفة على المستويات الاقتصادية والسياسية ضد العديد من الدول والأنظمة السياسية في العالم,حتى ولو أدى ذلك إلى الإضرار بمصالحها الاقتصادية وبسمعتها الدولية.
فقرار الكونغرس الأميركي الذي أصدره الرئىس جورج بوش قبل عدة أشهر بفرض عقوبات جائرة ضد سورية, قوبل بردود فعل عربية ودولية غاضبة ورافضة له,على أنه يأتي في سياق معروف أسه معادلة خاطئة,وأساسه إجراء ظالم ينطوي على محاولة استرضاء إسرائىل والضغط على سورية ومحاولة عزلها وابتزازها في مواقفها القومية من الحرب على العراق إلى مسألة الصراع العربي-الإسرائىلي.
وتهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات ضد إيران على خلفية ملفها النووي السلمي, والسعي لإحالته إلى مجلس الأمن الدولي تمهيدا لفرض العقوبات ضدها,ما هو إلا محاولة للضغظ أيضا على طهران والتغطية على الفشل الذي منيت به الإدارة الأميركية في العراق,وبالتالي محاولة إسكات صوت ايران المعارض للسياسات الأميركية عموما,سواء في العراق أم تجاه إسرائىل وقضايا الشرق الأوسط.
وبالأمس فقط-الأسبوع الماضي-اتخذت الأمم المتحدة قرارا بأغلبية 179 صوتا مقابل معارضة الولايات المتحدة وإسرائىل وجزر المارشال وميكرونيزيا يدين العقويات الأميركية المفروضة ضد كوبا منذ العام ,1962ويطالب برفع الحظر التجاري والاقتصادي والمالي عنها,ويعتبر أن إبطال وإلغاء التشريعات بفرض هذه العقوبات واجب على النظام القضائي الأميركي القيام به فورا.
قرار الأمم المتحدة الأخير بشأن العقوبات على كوبا ينبغي أن يشكل مناسبة لتتوقف الإدارة الأميركية من خلاله على حقيقة العزلة الدولية التي باتت إحدى أبرز سمات سياستها الخارجية,ولتسأل ذاتها:لماذا يتكرر مشهد العزلة لها ولإسرائىل داخل أروقة الأمم المتحدة في كل مرة تصل فيها قضية قانونية عادلة إلى هناك?!.
وإذا كانت واشنطن تؤمن بصحة وصوابية سياستها,فلماذا لم تتمكن في تاريخها من تمرير أي قرار في مجلس الأمن إلا بشق الأنفس,ضغطا,وابتزازا,وتهديدا,وبعد ذلك كله لا تحظى بأكثر من /تسعة الأصوات/المطلوبة,وهل تجرؤ على طرح أي موضوع على الأمم المتحدة?ولماذا?.
الولايات المتحدة مدعوة وهي على أعتاب استحقاق انتخابي لأربعة أعوام قادمة للتفكر بسياساتها الخارجية,والعمل على إسقاط العقوبات وأساليب الضغط والابتزاز,إضافة إلى إسقاط المفاهيم المغلوطة من قاموسها ومن أجندتهاومطالبة بتلمس نتائج هذه السياسات الخاطئة والكارثية عليها وعلى شعوب العالم,وما لم تفعل فإن عليها أن تواجه أربعة أعوام إضافية من عدم توفر الأمن والاستقرار,وأن تستعد لمواجهة عالمية جديدة قد يكون التعبير عن الحقد والكراهية ضدها مقدمة لعزلة دولية أشد وأوسع تهدد بمقاطعة مصالحها الاقتصادية والإضرار بها,وإسقاطها على جميع الحلبات المرشحة لأن تكون ميادين لصراعات قادمة مع أوروبا وشعوب المنطقة وصولا إلى الصين وشرقي آسيا.