تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

السبت 20 / 11/2004م
علي قاسم
الحديث الدولي المتزايد عن أولوية عملية السلام في المنطقة يطرح الكثير من التساؤلات من دون أن يقدم أي إجابات على أسئلة كثيرة معلقة منذ سنوات بعد أن عطلت إسرائيل عملية السلام ونسفت أسسها ومبادئها.

فالاهتمام المفاجئ الذي بدأه الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير وتبعهما الرئيس الأميركي جورج بوش في متوالية من التداعيات المتسارعة يشير وبوضوح إلى أن ذلك الحديث لايزال من المبكر التعويل عليه لإطلاق الاحكام أو تشكيل القناعات.‏

فعملية السلام وأولويتها كانت على الدوام حاضرة في أذهان الجميع, والسنوات المهملة التي مرت دون أن تلقى أي اهتمام , عقدت كثيراً من مساراتها, وراكمت الكثير من المصاعب أمامها, ودفعت بالعديد إلى نعيها , بعد أن شهدت تقطيعاً لأوصالها عبر سياسة العدوان التي تمارسها إسرائيل.‏

واليوم حين يحاول العالم أن يستدرك خطأ السنوات الماضية , يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يصادر الاهتمام الدولي , ومؤشرات التطلع المشروعة عبر طرح آلية من الشروط المتزايدة , والتي ستؤدي إلى خلق المزيد من العقبات والعراقيل.‏

ولعل الواقع الدولي بكل تداعياته أضحى شاهداً على المماطلة الإسرائيلية وآلية التسويق لبعثرة الجهد الدولي, وتشتيت اهتمامه عبر طرحه لتلك الشروط والاشتراطات في أسلوب أضحى معروفاً من قبل الجميع.‏

لذلك كانت الخشية الحقيقية من أن يتحول ذلك الاهتمام إلى مجرد شعارات من دون أن تترافق بنيات فعلية وجادة ليصبح الحديث الدولي والاميركي تحديداً جزءاً من الجهد المطلوب لإعادة إحياء عملية السلام.‏

ولتلك الخشية مبرراتها الموضوعية ومسوغاتها الذاتية , حيث التجربة المريرة التي عاشتها البشرية والمنطقة بالاخص في السنوات الأربع الماضية, لاتزال ماثلة في الأذهان , حين تصبح التصريحات والمواقف مجرد شعارات , في حين الممارسات والسياسات على الارض, تجسد معطيات تناقض تلك الشعارات.‏

وتحولت صيغ الطرح المختلفة الى يافطات تخفي وراءها حقائق مرعبة تتجاوز النيات وارهاصاتها , وتصل حد التضليل في أهدافها ومبتغاها.‏

من هنا فإن الترحيب بالحديث الدولي عن أولوية عملية السلام في المنطقة , لابد أن يقترن بطرح آليات واضحة لإعادة إطلاق تلك العملية , والالتزام بأسسها ومبادئها , كي تكون قابلة للتطبيق , ولاسيما أن اسرائيل اعتادت أن تمتطي موجة التصريحات والمواقف المتناقضة لفرض مزيد من الإملاءات.‏

إن إعادة الأمل إلى المنطقة , بامكانية احياء عملية السلام وانتشالها من الركام تفترض ان تأخذ الجهود المبذولة بعين الاعتبار , تراكمات السنوات الماضية وان تتم على قاعدة الشرعية الدولية , وتجاوز الخيبات الكثيرة التي عاشتها المنطقة , عبر تباين الأولويات وتعارضها والتي أدت الى هذا الوضع الذي ينذر بمزيد من التفجر.‏

لاشك أن التعاطي مع عملية السلام كأولوية في الاهتمام الدولي , يشكل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح, ولكنهابالتأكيد تحتاج الى خطوات اخرى لاتقل أهمية , فتحول الموقف الى فعل, والشعار الى التزام وهي خطوات لاتزال المنطقة تنتظرها بفارغ الصبر , وتتطلع إلى التعاطي معها كحقائق تحرك السياسات الفعلية للقوى الدولية الفاعلة.‏

ويبقى الرهان الصعب متوقفاً على مدى إلزام إسرائيل بهذه الآليات ومنعها من الاستمرار في لغة التسويف والمماطلة التي اعتادتها عبر السنوات الماضية , وربما كان ذلك هو الاختبار الأكثر صعوبة لجدية الحديث الدولي ومساحة اهتمامه.‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30313
القراءات: 30283
القراءات: 30270
القراءات: 30278
القراءات: 30264
القراءات: 30273
القراءات: 30273
القراءات: 30266
القراءات: 30274
القراءات: 30271
القراءات: 30267
القراءات: 30269
القراءات: 30267
القراءات: 30264
القراءات: 30270
القراءات: 30283
القراءات: 30263
القراءات: 30272
القراءات: 30253
القراءات: 30263
القراءات: 30271
القراءات: 30264
القراءات: 30270
القراءات: 30259
القراءات: 30273
القراءات: 30275
القراءات: 30274
القراءات: 30267
القراءات: 30271
القراءات: 30268
القراءات: 30271
القراءات: 30271
القراءات: 30271
القراءات: 30272
القراءات: 30272
القراءات: 30267
القراءات: 30251
القراءات: 30268
القراءات: 30268
القراءات: 30261
القراءات: 30272
القراءات: 30278
القراءات: 30267
القراءات: 30272
القراءات: 30269
القراءات: 30265
القراءات: 30262
القراءات: 30261
القراءات: 30275
القراءات: 30273

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية