تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الجمعة 3/9/2004
قمر كيلاني
عفواً.. فقد كنت أريد أن أكتب (سوبر ستار) وهكذا جرى قلمي.. إنه البرنامج العربي من إحدى الفضائيات العربية الذي يزري بقول المتنبي عن نفسه: (مالئ الدنيا وشاغل الناس).. وهو الذي يتحف عالمنا بل العالم كله بنجوم للغناء عليها أن تسطع..

وأن تدفع.. تسطع للغناء في هذا الظلام الغنائي الذي نتخبط فيه.. وتدفع تلك الكوكبة الغنائية إلى مسافات التقدم والرقي أسوة بغيرنا من الأقوام التي أصبح الغناء فيها لا كالماء والغذاء.. بل كالهواء. حسن أن يكون لدينا اهتمام منظم بالفنون جميعاً وخاصة الغناء.. فالفنون عنوان الشعوب ورسالتها الحضارية.. وحسن أن يكون لدينا لجان تحكيم من الفنانين أنفسهم وممن يتذوقون الفن ومن الاختصاصيين الأكاديميين أيضاً.. فهذه ظاهرة صحيحة.. وقد كان الموسيقار (عبد الوهاب) وحده مدرسة كاملة يتخرج منها من يستمع إليه (عبد الوهاب) فيثني عليه أو يطرب له أو يقدم له الإرشاد أو الإشارة.. إلا أن الأمور الآن تختلف تماماً.. فأكثر بلاد العالم لديهم معاهد متخصصة وعلماء في الموسيقا وأكاديميون وعازفون إلخ.. ويتقدم إليهم الألوف المؤلفة من ذوي الكفاءات الموسيقية أو الأصوات المتميزة.. وهي التي تختار منهم ضمن فحوص علمية أكاديمية وليس نشراً في الفضاء من يستحقون أن يظهروا على الناس كفنانين ومبدعين حتى أن بعض هذه المعاهد تهتم بتعليم اللغات أو اللهجات.. أو تقوّم للفنان المتقدم بعض الأخطاء حتى لا يلاقي أي متاعب أو عناء.‏

ويعلنون عن (السوبر ستار) وتشتعل النار.. وكأن الذين سيفوزون بالجوائز هم الذين تنتظرهم أكاليل الغار.. والمجد والفخار.. وكأن الحياة تختصر في نغم.. يدفع بعيداً كل ألم بينما الغيوم السوداء تظللنا.. وتنفجر الألغام لا الأنغام تحت أقدامنا.. وتسحب الأرض من تحت وسائدنا.. وتصبح الأصابع قابضة على الهواتف المحمولة للتصويت.. وجمهور يزداد عرضاً واتساعاً للتصفيق والتهليل من أجل هذا أو ذاك من المتسابقين.. وربما تدخلت أصوات عليا.. من جانب الذين يملكون النفوذ أو النقود لتكون النتائج مأمونة ومضمونة.‏

وهذا العام.. والسوبر ستار كعصفور النار.. كنت حزينة ومجروحة في آن معاً.. فلقد تزامن هذا الموكب الغنائي الاحتفالي مع اعتصام الأسرى في سجون العدو الصهيوني.. ورماد ينثر فوقنا ليحرمنا الرقاد.. والناس يتقاطرون على خيام الاعتصام في كل مكان حتى في أوروبا بينما يضج الاهتمام بالفائزين.. وحساب الأرقام وكأن كل ذلك لعبة طفولية ذكية تختطف شبابنا وشاباتنا خاصة لتدخلهم في دائرة أضواء هي منا على الهامش أو نحن منها براء.‏

وتمنيت.. فيما تمنيت لو تنطفئ كل هذه الأضواء فلا تبقى إلا شموع الاحتجاج الشاحبة.. وأن تصمت كل الأصوات لنسمع أنين أم ثكلى.. أو بكاء طفل رضيع.. أو آهات معذب جريح.. وأن تلتقي أيدينا بعضها إلى بعض لتتضامن بالتنديد على الأقل.. لا بالتهديد.. فزمننا العربي هو زمن الاختبارات لا الاختيارات.. وكل تجربة مهما صغرت هي اختبار.. ولو كانت السوبر ستار أو سوبر نار.‏

 

 قمر كيلاني
قمر كيلاني

القراءات: 30398
القراءات: 30392
القراءات: 30397
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30393
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30395
القراءات: 30394
القراءات: 30397
القراءات: 30395
القراءات: 30395
القراءات: 30386
القراءات: 30395
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30397
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30396
القراءات: 30394
القراءات: 30393

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية