تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 2/ 12/2004م
محمد خير الجمالي
خلال محادثاته مع الرئىس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ أول أمس, قال السيد الرئيس بشار الأسد ( إن إطلاق عملية السلام يكون بالبناء على ما تم إنجازه واستكماله وصولاً إلى السلام العادل الذي يعيد الحقوق كاملة من دون نقصان).

وهذا التوضيح للرئىس الأسد حول موقف سورية من السلام ورؤيتها لاستئناف عمليته من جديد, يعني بالاستدلال المنطقي أن تجاهل النتائج التي تحققت بمحادثات استمرت حوالى عقد من الزمن, هو هدر للجهد والوقت وقتل لآمال السلام, والسبب أن تجاهل هذه النتائج التي تشكل نسبة مئوية كبيرة قد تصل إلى 90% أو أكثر من المطلوب للسلام يعيد عمليته إلى نقطة الصفر, ما يجعل المحادثات وكأنها شيء من العبث, إن لم يجمدها عند نقطة معينة على نحو ما حدث خلال السنوات الأربع الماضية, ويوصد الأبواب أمام أي جهود إضافية ومبادرات وفرص يمكن أن تتاح أمام استكمال ما تحقق.‏

ولئلا تترك سياسة التضليل الاسرائيلية أي تأثير مخادع على الرأي العام الدولي يستهدف إلصاق تهمة تعطيل عملية السلام بسورية تحت دعوى أنها تضع شروطاً مسبقة على استئناف محادثات السلام, أعاد الرئيس الأسد إلى الأذهان ثبات سورية على موقفها المعهود من معاودة إطلاق محادثات السلام على القواعد المعروفة والمتفق عليها في صيغة مدريد وفحوى المبادرة الأميركية في مناسبتين: الأولى هي لقاؤه مع تيري لارسن منسق الأمم المتحدة لعملية السلام حيث جرى التأكيد على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية وصولاً إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة, والتقط لارسن هذه الإشارة البناءة ليؤكد بدوره أن سورية متمسكة بالسلام فعلاً وقولاً ,ثم ليؤكد ثانية في اسرائيل أن الموقف السوري الذي عبر عنه الرئيس الأسد هو فرصة لا تعوض. أما المناسبة الثانية فهي لقاء القمة الذي جمع الرئيس الأسد مع الرئيس مبارك, وربط فيه الرئيس الأسد إطلاق عملية السلام بالبناء على ما أنجز.., أي أن يتركز البحث في أي مفاوضات محتملة مستقبلاً لإطلاق عملية السلام على مالم يتم إنجازه استكمالاً لمتطلبات تحقيق السلام.‏

وهذه الحقيقة تتضح من معرفة أن الأساس في السلام المطلوب للشرق الأوسط حتى يخرج من دائرة التوتر والصراع المنذر بأفدح الكوارث, ويدخل في رحاب التنمية التي أعاقتها إسرائىل بحروبها وسلوكها العدواني وتهديداتها لدول المنطقة, يكمن في إنهاء الاحتلال بوصفه نقيضاً جذرياً للسلام, وموضوعة إنهاء الاحتلال الاسرائيلي هذه هي الجزء الأهم الذي تم تأكيده في وديعة رابين التي تقر بمبدأ أن السلام مع سورية يتطلب انسحاباً كاملاً من الجولان , ورابين أعرب للأميركيين عن إقراره بهذا المبدأ, ومن ثم أصبحت الوديعة جزءاً مهماً مما تم إنجازه ويتعين البناء عليه حتى يتسنى إطلاق عملية السلام, الأمر الذي يعني في حال تجاهل ما أنجز هدم إحدى أهم النتائج التي تتصل بجوهر السلام محددة بإنهاء الاحتلال ومن المهم أن يتم التمييز هنا بين هذا الأساس للسلام وما تطلق عليه إسرائىل شروطاً, لأن أساس السلام هنا يعني ثوابته ومضمونه ومتطلبات تحقيقه, فيما الشروط تعني شيئاً آخر مختلفاً ومناقضا كالذي تضعه إسرائيل دوماً في وجه عملية السلام وإطلاقها من مثل الدعوة للعودة بها إلى نقطة الصفر والمطالبة بتجزئة الحل واستبعاد قضايا أساسية من المفاوضات والانتقاص من حق السيادة الفلسطينية (قضية القدس وحق العودة واحتفاظها بالمسؤولية الأمنية في المناطق الفلسطينية المحتلة بعد التسوية) وسوى ذلك.‏

إن ما أنجز خلال محادثات السلام مهم جداً للسلام ولمن يسعى إليه بجدية ونية صادقة, وغير مهم إن لم نقل إنه عنصر ضغط قاس على من لا يرغب بالسلام المؤسس على إنهاء الاحتلال, ويجد فيه حالة تناقض طبيعته العدوانية التوسعية, وعند الفرق بين التمسك بما أنجز والتهرب منه, تتأكد حقيقة التناقض الجذري بين جدية الموقف السوري ومراوغة الموقف الإسرائيلي.‏

 

 محمد خير الجمالي
محمد خير الجمالي

القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30382
القراءات: 30384
القراءات: 30389
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30387

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية