تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 2/ 12/2004م
مروان دراج
الانتهاء من قطاف القطن للموسم الحالي, يقود إلى سؤال جوهري مفاده: إلى متى ستبقى الطموحات في هذا المنتج تتمثل في التشجيع على تصديره خاما أو نصف مصنع..?

وهل المهم مواصلة رفع وتائر الإنتاج والتباهي بالأرقام العملاقة..? أم ثمة استحقاقات أخرى سبقتنا إليها الكثير من دول العالم فيما خص الاستفادة من عائدات مراحل التصنيع المختلفة? ما يدفعنا إلى إطلاق هذا السؤال أو ما يشابهه بين الحين والآخر, أن الحكومة أصدرت قبل أكثر من عامين قرارا يقضي ببيع الغزول القطنية بالأسعار الرائجة عالميا, بعد أن كانت تزيد عن مثيلاتها في السوق الخارجية بنسبة تصل إلى نحو (20) بالمئة, وهذا القرار كان صائبا وعقلانيا كونه أسهم في التخلص من مخازين قطنية وصلت قيمتها نحو (20) مليار ليرة, وكانت قد تراكمت في مستودعات وأقبية المؤسسات والشركات التابعة لوزارة الصناعة.‏

بيت القصيد من التذكير بالقرار الآنف الذكر, أن إصداره لم يكن يرمي فقط إلى تذليل العقبات والمشكلات التي واجهت مؤسسة نسيجية في وقت من الأوقات, وإنما كان يهدف أيضا إلى تشجيع الصناعيين ورجال الأعمال, على استجرار ما أمكن من الكميات للاستفادة من القيمة المضافة الناجمة عن مراحل التصنيع المختلفة, ففي كثير من بلدان العالم تتوافر الإمكانات والشروط المناخية المناسبة لزراعة هذا المحصول, وإنتاج كميات تفوق الأرقام المنتجة في بلدنا, غير أن هذه البلدان لا تأخذ بخيار الزراعة, وإنما تذهب إلى استيراد المنتج خاما بسبب المغريات الناجمة عن التصنيع, ففي وقت من الأوقات كانت الحجج والذرائع التي تجعل الصناعيين في القطاع الخاص يحجمون عن إحداث منشآت لتصنيع الأقطان, تتمثل في ازدواجية الأسعار المحلية والخارجية وارتفاع التكلفة وغياب شروط تحقيق المنافسة, وهذه الأسباب التي لعبت وعلى مدار عقود من الزمن دورا في خسارة بعض الأسواق الخارجية وتراجع الصناعات النسيجية, لم تعد قائمة في الوقت الحاضر.., كما أن هناك مغريات كثيرة يمكن الاستفادة منها, بدءا من إحداث المدن الصناعية الحديثة المتطورة في أكثر من محافظة, وليس انتهاء بتوفر الأيدي العاملة الماهرة والرخيصة في آن.‏

..إلى الآن, مازالت القيمة المضافة في الصناعات النسيجية تكاد تكون شبه غائبة إن لم نقل معدومة, وهي تنحصر بكميات تكاد لاتذكر قياسا بإجمالي الإنتاج والذي يصل إلى نحو مليون طن.. وحسب بعض الأرقام, فإن معامل ومنشآت القطاع العام تقوم -وفي أحسن الأحوال- بتحويل ما نسبته مئة ألف طن إلى غزول, والرقم الأخير يمثل ربع الإنتاج فقط, ذلك أن الوصول إلى إنتاج كيلو واحد من الغزول بحاجة إلى (2,5)كغ من القطن المحبوب,.. وبالمناسبة, فهذه المرحلة من التصنيع لاتعطي سوى قيمة مضافة ضعيفة جدا, والاستثمار من خلالها قد لايبدو مغريا بسبب التكاليف المرتفعة الناجمة عن مستلزمات وسائل الإنتاج.‏

الالتفات إلى القيمة المضافة يشكل ومنذ وقت طويل مظهرا من مظاهر نجاح هذا الاقتصاد أو ذاك.. ونوايا الإصلاح الاقتصادي ومعه الشراكة المرتقبة مع أوروبا.. وإمكان قبول عضوية بلدنا بمنظمة التجارة العالمية, تتطلب أكثر من أي وقت مضى محاكاة الآليات التي مضت بها بعض الاقتصادات العالمية, ويكفي التذكير أن بلداناً في جنوب شرق آسيا مثل: ماليزيا, الصين, تايوان, تايلاند, لم تكن تعرف معنى النهوض الاقتصادي والتحول من قطط إلى نمور, إلا بعد أن أخذت بسياسة استيراد المواد الخام والعمل على تصنيعها محليا. فمتى نتعلم ونستفيد من الآخرين?!‏

 

 مروان دراج
مروان دراج

القراءات: 30381
القراءات: 30403
القراءات: 30383
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30385
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30381
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30382
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30396
القراءات: 30379
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30380
القراءات: 30380
القراءات: 30388

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية