فنحن لانجامل الحكومة في وقت ٍ يترصّد أداءها الاعلام ويتابع وزراءها الصحفيون, لكنها كلمة حق في وقتها تقال, والمقياس الذي إليه نحتكم هو هذا النمط من الأداء الحكومي اليومي.. معالجات سريعة لكثير من المشكلات المزمنة.. وحلول لبعضها.. ودراسات معمقة لبعضها الآخر مع تكريس لغةٍ جديدة كانت مألوفة من قبل وغابت بعض الحين, وهي لغة الأرقام التي عادت إلى الظهور من جديد وبصوتٍ عالٍ ومفهوم إلى حد كبير.
ولا نريد استعراض الفترة القصيرة الماضية على قصرها, وعلى أهمية ماتمت معالجته خلالها كي لا ننحاز عفويّاً الى جانب دون آخر.. على أن الإعلام يشكل بالنسبة للصحفي بيته وأسرته وانحيازه المبرر عملياً وواقعياً, إلاّ اننا سنطلُّ على الأداءِ الواسع بشمولية ورويّة سواء لجهة إنجاز الخطة الاستثمارية السنوية أو لجهة إقرار الموازنة العامة للدولة على خلفية السعي المستمر إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين وللعاملين في الدولة,والتركيز على أهمية التنمية وتخصيص الموارد الكافية للمشاريع الاستثمارية - وللإعلام فيها نصيب - مع ترشيد الاستهلاك والإنفاق الجاري مع أننا كلما سمعنا عن الترشيد تقفز إلى الأذهان مقولة شدّ الأحزمة على البطون, إلاّ أن الترشيد يعني هنا رفد جهود تحسين مستوى المعيشة والتناغم معها لا التنافر, ذلك أن أرقام الموازنة تؤكد زيادة الانفاق الجاري بما يعني زيادة كتلة الرواتب والاجور مقترناً ذلك برصد استثماري يتبنّى التمويل الساخن للمشروعات الطارئة, بما يعني أيضا الموازنة الفعلية والعمليّة بين الانفاقين الاستثماري والجاري.
ومما يعزز الثقة بين الحكومة والمواطن وبالعكس هو هذا النمط الذي بدأ يظهر في يوميات الأداء, وهو الشفافيّة والوضوح في الرؤية والمصارحة مع الإعلام وعبره مع المواطن, والمكاشفة التي تجعل الجميع يتحمل المسؤولية, ويتصدّى لها, ويرتّب أموره وشؤونه على أساسها بلا مباغتة ولا مواربة ولامساحيق, الأمر الذي عزّز العلاقة بين المواطن والمسؤول في امتحان يكاد يكون يومياً, ورقابة على الأداء تكاد تكون ساعيّة.
وقبل الغوص في جدوى الترشيد, لابدّ من تكريس ثقافة الحرص على المال العام, وثقافة احترام العمل وساعاته وانتاجيته, بالاضافة الى ثقافة الانتماء الى الوطن, وتنمية الوعي الوطني, وخصوصاً ازاء مسألة العمل واحترام مقاييسه والانتاج المطلوب في عملية التنمية المتزايد دورانها, والمرتفع دبيبها, والمقروء من مشروعاتها, والارقام المرافقة لها.
ويبدو أن من أبرز نتائج الأداء للحكومة هو العمل بروح الفريق الواحد, بمعنى العمل وفق مفهوم المؤسسات أو العقل المؤسساتي وهذا مانريد, لابل نطالب بتعميمه على الجهات العامة في الدولة, وتكريسه كأسلوب عمل يتناسب مع المرحلة الراهنة, ومع مفاهيم إدارات الدولة المعاصرة القائمة على الرؤى الواضحة والخطط المرسومة التي لو تناوب على إدارتها مسؤولون مختلفو الأمزجة والأوصاف لما تبدّل من الأداء شيء, ذلك أن الخطط المرسومة بعقل مؤسساتي لايلغيها أفراد, ولاتخضع لأمزجتهم أو رؤاهم الفردية.
بهذا نحقق النقلات النوعية في الأداء الحكومي المختلف والمتنوّع, فالبناء على ماأسّسه السابقون ووفق الخطط المرسومة يختزل الزمن, ويوفّر الطاقة, ويعزّز الامكانيات, وقبل هذا وذاك يعزز الثقة بالمؤسسة وكوادرها, ويكرّس أحد أبرز مفاهيم ثقافة العمل وتقاليدها في مجتمعنا التنموي والاقتصادي, بما يخدم عملية التطوير والتحديث التي تشهدها سورية اليوم.
ويبدو أن الأرضيّة التشريعية والقانونية والكم الهائل من المراسيم التي أصدرها السيد الرئيس لتوفير البنية التحتية للتحرك الاقتصادي بدأت تعطي نتائجها, وتؤتي ثمارها, على أنه ينبغي حثّ الخطا أكثر, والإسراع فيما أبطأنا به, وإنجاز ماتخلفّنا عنه, والتأسيس لتنمية مجتمعيّة معاصرة تشمل مختلف مناحي التطوير المطلوب والمواكبة اللازمة.
مرة أخرى, لانجامل الحكومة ولن نجاملها بمقدار مانطالبها, ونفترض أن عقد الشراكة بين الاعلام والحكومة يقوم أساساً على الشفافية المسؤولة,والجديّة الصادقة, والمتابعة الحثيثة, ذلك أننا سنراقب.. ونتابع.. مادامت الابواب قد فتحت أمامنا من جديد.