ومع ان اغلبية العالم لا تحبذ عودة بوش الى البيت الابيض, وتفضل عليه منافسه كيري, إلا ان القرار عائد الى الاميركيين اولاً, الذين يكادون يتساوون, كما تقول الاستطلاعات, بين اختيار بوش او اختيار كيري, فالفارق بين المرشحين بالنسبة لهم هو ان طموحات الرئيس بوش التي يقدم على تنفيذها, ولو من دون ادواتها المناسبة, يعد كيري بتنفيذها, ولكن ليس دون هذه الادوات.
ولعلنا نحن العرب, اكثر ما نكون قرباً الى الاصطفاف بجانب الاميركيين وموقفهم من مرشحيهم, اذ لا يختلف الامر كثيراً بالنسبة إلينا, بين ان يكون كيري الساكن الجديد للبيت الابيض وبين ان يمدد الرئيس بوش اقامته فيه لأربع سنوات اخرى, وهذه هي المفارقة الوحيدة التي نتقاطع بها مع الاميركيين.
بين بوش وكيري لا يختلف الاميركيون كثيراً, وبينهما ايضاً لا يختلف العرب, وهذا لا يعني ان العرب والاميركيين يقبعون في كفة واحدة من الميزان, فاستواؤهما إيجابي بالنسبة الى الاميركيين, لكنه سلبي بالمطلق بالنسبة الى العرب, قياساً الى التصريحات والمواقف التي اعلنها كل منهما وتعهدهما بالنسبة الى قضايا المنطقة والعلاقة مع اسرائىل.
غير اننا نفضل ذهاب بوش ومجيء كيري, لا لسبب, إلا لأن استفتاء الاميركيين عليهما هو في المطاف الأخير استفتاء على سياستهيما وطريقتيهما في التفكير والنظر الى الآخر.
ولأن سياسة ادارة بوش تجاه الآخر- ونحن العرب جزء من هذا الاخر- انطوت على التشكيك والظن وما يتبعهما من حروب (استباقية) وحصارات وعقوبات, مثلما انطوت على توازن القوة وغلبة القوي وطغيانه, فإننا نريد للأميركيين ان يكونوا جزءاً من العالم الذي رفض هذه السياسة وأدانها وتوخى وقف مفاعيلها, وهي اشارة الى جون كيري اذا ما كان هو الرئيس بأن سياسة كهذه لا عمر لها, وبأن فرصته في التجديد لرئاسة ثانية عام 2008 رهن باستبعاد سياسة بوش والتخفيف من آثارها, وبأن ثمة سياسة اخرى مختلفة ينبغي له ان يعتمدها.
واذا كان الاميركيون لا يزالون يتساءلون عن سبب كراهية العالم لهم رغم العصا الاميركية الغليظة المسلطة على رؤوس العالم منذ اربع سنوات فإنهم اختاروا جورج بوش, اما اذا كانوا قد عرفوا جواب تساؤلهم وادركوه, فقد اختاروا جون كيري!!
نرحب بالرئيس الاميركي الجديد, ونرجو ان يكون جديداً بالفعل!