فنحن - وحسب الدردري- أنجزنا بالتوقيع على اتفاقية الشراكة بالأحرف الأولى, خطوة مهمة على طريق يؤسس لفتح أبواب الاقتصاد العالمي أمام الاقتصاد السوري, والاتفاقية تفتح الباب أمام اقتصادنا, لاتباع التنافسية, والالتزام بالمواصفات والمقاييس, والإدارة الجيدة, وتؤسس لتعاون اقتصادي وفني وفكري بين الجانبين, في مجالات السياسات الاقتصادية الكلية, وتحرير التجارة, وتطوير الصناعة السورية, وتعزيز قدرتها على المنافسة, ونقل التقانة, والبحث والتطوير, والإصلاح الاقتصادي, لابل فإن أوروبا - مع هذه الشراكة- ستكون بوابة واسعة للإصلاح!!
وباعتبار أن الدكتور عبد الله الدردري, يتحدر من أصل صحفي, وباعتبار أن (أهل مكة أدرى بشعابها) فما أكاد أنهي مشروع التفاؤل والاطمئنان, حتى يبدأ مشروع آخر بغزو مشاعري يقوم على أساس من الإحباط والخوف والقلق, من تلك الأبواب المشرعة, التي يبشرنا زميلنا القديم العزيز بانفتاحها.. والتي أكثر مانخشاه أن تنفتح على رياح عاتية, لاتبقي ولاتذر..!
الذي نرجوه.. هو أن يكون الدكتور عبد الله الدردري, يصيغ لنا عباراته الجميلة كمنعكس لواقع يراه ويستشفه فعلا, دون أن تكون تلك العبارات, استدراكا لوقت ضاق عليه, وتأخر فيه عن أداء حجم عمله الصحفي المطلوب, فراح يصيغ بهذا الجمال لرسالة صحفية متأخرة..!
فمن أين لنا أن نجاري.. ونستفيد.. من ذلك المارد الاقتصادي الأوروبي الدقيق والمنظم, والذي يمنهج تصرفاته وأدائه بشكل واضح ومحدد, في الوقت الذي لاتزال ثقافة العمل والإنتاج عندنا, وثقافة السوق, مبنية في كثير من جوانبها على حقائق تروي حكايات من الغش, والخديعة, والفوضى, وتحكي روايات من التلاعب والفساد, والتلذذ بالضبابية, وفقدان معالم الهوية الاقتصادية والسلعية..?!!
إذا كان بعض صغار التجار عندنا- مثلاً- مازالوا يستسيغون طحن نشارة الخشب, وصبغها باللون الأحمر, وإضافة قليل من الفليفلة الحمراء عليها, وبيعها بالسوق على أنها فليفلة حمراء صرفة, ويحلف الأيمان الغلاظ أنها أفضل أنواع الفليفلة في العالم.. فما الذي سوف يبقى من أمثال هذا -وما أكثرهم- عندما تفتح الأبواب?!!
لن نستطيع أن نعد الآن السلع والمواد والمنتجات, التي تواجه مصيرا كمصير هذه الفليفلة عندنا... لأنها تحتاج إلى كتابٍ طويلٍ عريض...
ولكن مادامت ثقافة السوق والإنتاج عندنا, تقودنا إلى مثل هذه الحكايات الاقتصادية الرديئة, نمارسها ونحن مرفوعو الرأس...
فأي المشروعين يكون أقرب منالاً ... مشروع القلق والإحباط والخوف..?... أم مشروع التفاؤل والاطمئنان..?!..
إنني استغرب فعلاً كيف يمكن لرئيس هيئة تخطيط الدولة أن يجد مكاناً للتفاؤل..?!.