تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 4 /11/2004م
علي قاسم
لم تنتظر الأحزاب الإسرائيلية حصيلة الصراع , ولا مؤشرات اعتراف شارون بالإفلاس حتى تقوم بإعادة تنظيم مواقعها ,أو بالأحرى إعادة ( تفريخ ) مكوناتها, ليميل المشهد برمته نحو مزيد من التقارب مع المتطرفين والمغالين .

ولم تتريث ريثما يعلن المشروع الصهيوني شهادته المنتظرة بإغلاق صفحة شارون في الحياة السياسية الإسرائيلية , ليقوم كل طرف بفرد صفحاته بدءاً من ليبرمان وصولا إلى الحاخامات الذين ينضمون إلى ترجيح كفة هذا أو ذاك.‏

ولعل الأسئلة المثارة لا تتطرق إلى الجوهر , بحكم الانتماء والضرورة بل هي تحت ضغط الإلحاح الذي تتسم به التبدلات المتسارعة في الخريطة السياسية التي تتشكل تبعا للمفاهيم السائدة أو وفقا لمصطلحات تغزو الساحة حسب مقتضيات المشروع الصهيوني ذاته.‏

والمفارقة بالطبع لا تنحصر في تلك الإرهاصات التي تستجمع نقاط قوتها من ضعف الخصم التقليدي ليعود المشهد الى عقود خلت حين كانت التجاذبات الأساسية تنطلق من المزاودة في التطرف والمغالاة في العدوان.‏

وهاهم الإسرائيليون الذين خذلهم شارون في تأمين الحد الأدنى من وعوده , ينقلبون عليه لصالح البحث عمن يدغدغ أطماعهم وتطرفهم , بعد أن أضحت اللغة الأخرى المحتملة غير واردة في قاموسهم.‏

ربما كان شارون في خطته للانسحاب الأحادي من غزة تحت ذريعة تحقيق الممكن للإسرائيليين قد تجاوز الخطوط الحمر في نظر أولئك والتهديد بالنيل منه , إذا ما نفذ إخلاء المستوطنات.‏

فيما حزب العمل يجتر الكابوس المطبق عليه في تراجع حضوره , تحت وطأة الانكماش السياسي ,وافتقار البدائل الحقيقية لأزمة الاختيار في الاتجاه.‏

لذلك كان التحضير المبكر من قبل بعض القوى داخل اليمين الإسرائيلي لإعادة فرد الخريطة السياسية بحيث تؤمن ( تفريخ) الاتجاهات المطلوبة , وفق احتياجات الظروف وإملاءاتها , هي المعيار لآلية التسويق في المرحلة المقبلة.‏

ولاتخرج عن هذه المعادلة طروحات القوى التي اشتبكت تناقضاتها مع اتجاهات شارون , فكان طلاقها السياسي على خلفية التصويت الأخير في الكنيست علامة فارقة في المشهد الجديد الذي يطل برأسه في الداخل الإسرائيلي.‏

وثمة من يتحدث عن أن شارون الذي أطلق آخر ما في جعبته , وتلاعب باليمين واليسار وفق مقتضيات الحاجة , أضحى اليوم مضطراً للقبول بالخيار المؤجل عن انتخابات مبكرة , تكون فيها خياراته تتويجا لحالة الحصار التي يواجهها.‏

قد يؤخر استئجاره لحزب العمل بعض الوقت , ولكنه لن يكفي للحيلولة دون الرضوخ لمطالب القوى المتطرفة التي استنسخت مواقفها المغالية من حالة الغليان التي تجتاح المستوطنين , والهيجان الذي تشكله حالة الرفض لخطته.‏

ومن الواضح أن ليبرمان , وبني ألون , وتسفي هيندل قد حسموا خياراتهم بالابتعاد عن شارون لصالح الاقتراب من كاخ , وحتى احتضان زعيم شاس أرييه ورعي, لتشكيل كتلة انقلابية على الليكود لن تكتفي بالإطاحة بشارون , بل وبخصمه نتنياهو الذي انفرد في صراعه ومقارعته لشارون.‏

وإذا كانت الضرورة تقتضي مساندة نتنياهو لبعض الوقت , فلن ترضى أن يكون بديلا , لقوى تعيد تشكيل نفسها , بحيث أن التلاقي بين اليمين المتطرف والأشد تطرفا سيستبعد تلقائيا القيادات التقليدية التي أفلست خياراتها كما تاهت بالبدائل التي قدمتها .‏

من هنا كان فرد اليمين لأوراقه حالة تصعيد مزدوج , تبدو في مقارباتها الاولى وخياراتها المطروحة نتاج مغالاة فرضت نفسها , وتتهيأ لتقود الاتجاه الجديد الذي ينذر بما هو أكثر خطورة وأش¯د كارثية .‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30398
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30385

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية