فآخر المحاولات الإسرائيلية للالتفاف على القرارين المذكورين تمثلت بانتهاء وزارة الحرب الإسرائيلية من إعداد خطة لإجراء تعديل على مسار الجدار في مناطق بالضفة الغربية, لا تفيد من الواقع المرير للجدار بالنسبة للفلسطينيين الذين تقطعت أوصالهم بسببه, ولا لما يفرضه بناء الجدار من واقع جديد يكرس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام ,1967 وتبعاته على القرارات الدولية المرتبطة بهذا الشأن وخاصة القرارين 242 و,338 بكونهما أهم المرتكزات الأساسية لعملية السلام.
والأخطر من ذلك في هذه الخطة الإسرائيلية هو احتمال اعتبارها من قبل بعض الأطراف الدولية وخاصة الاتحاد الأوروبي خطوة إسرائيلية في اتجاه الاستجابة لقراري محكمة العدل الدولية والجمعية العامة, لا سيما وأن إسرائيل تستمر في محاولاتها لإقناع الأوروربيين بأن جدار الفصل العنصري ضروري لأمنها المزعوم.
بينما تراخى العرب في متابعة الموضوع مع الأوروبيين الذين أيدوا قرار الجمعية العامة حول جدار الفصل العنصري.
إن تسليم العرب لعدم إلزامية قراري لاهاي والجمعية بشأن الجدار, وثانيا التراخي في متابعة تفعيلهما على المستوى الدولي, ينطوي على تقاعس غير مبرر في كيفية البحث عن مخارج قانونية ودولية لجعله إلزاميا.
فمحكمة لاهاي لم تنظر في الجانب السياسي للجدار الذي ينطبق عليه صفة عدم الإلزامية ,وإنما تطرقت إلى الالتزامات القانونية لإسرائيل كقوة محتلة, وبالتالي فإن رأيها القانوني يستند إلى القانون الدولي الذي يلزم إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة ومتعهدة الالتزام بالقانون الدولي بعدم تغيير الوقائع على الأرض, وبالتالي قرار لاهاي من الناحيتين القانونية والسياسية ملزم لإسرائيل, ويفترض بالمجتمع الدولي العمل على إيجاد الآليات المناسبة لتنفيذه في حال استمرت إسرائيل بتحدي قراري محكمة العدل الدولية والجمعية العامة, وذلك أسوة بحالات سابقة تصدت لها هذه المحكمة وهو ما يجب على العرب أخذه في عين الاعتبار.
وانطلاقا من ذلك يبرز الاهتمام العربي في متابعة هذا الموضوع والاستمرار بطرحه وإبراز مخاطر الجدار على الفلسطينيين والأمن والاستقرار في المنطقة, وعلى مستقبل عملية السلام إقليميا ودوليا كأساس وركيزة للحؤول دون أن يصبح مصير قراري (لاهاي والجمعية العامة) كغيرهما من القرارات السابقة.
فالتحرك العربي إزاء هذا الموضوع مطلوب وبفاعلية لا سيما وأن إسرائيل تستمر في بناء جدارها العنصري, وترفض الانصياع لقرارت الشرعية الدولية ومتطلبات عملية السلام.