وما ازدياد عدد القنوات الفضائية والأخرى الإذاعية.. وتنامي دور الصحف والمجلات إلا ظاهرة ورم.. او ترف لا محل له مادام الإعلام العالمي يتسلم الدور الرئيسي.
صحيح أن إعلامنا العربي لم يبلغ مرحلة النضج والكمال اللذين وصل إليهما الإعلام الغربي قياسا للزمن, ولكننا أمة عرفت, فالإعلام منذ الجاهلية وصدر الإسلام وإن اختلفت الأساليب كل الاختلاف بين القصيدة الشفوية التي كانت تسري من بلد الى آخر سريان النار او الماء.. وليس انتهاء بالمراسلات والمكاتبات التي كانت توزع على الأمصار من أجل سرد الوقائع.. وتوثيق الحقائق.. بل نشرهما بين الناس.. هذا عدا عن المنادين في الحارات والأسواق وفي كل منفذ من منافذ المدن يبلغون الأوامر والنواهي.. وعدا عن العلماء في حلقاتهم.. والأئمة في مساجدهم.. والقضاة في دور القضاء.. الخ...
إذن فنحن نعلم ما الإعلام.. وإن كنا تطورنا مع أسلوب العصر.. وأخذنا من التكنولوجيا ما أخذته كل أمم الأرض.. لأن هذه التكنولوجيا هي إنجازات للبشرية جمعاء ولو كان إنتاجها في بلاد بعينها.. او من خلال علماء وخبراء بعينهم.
والأمة ذات الحضارة تعبر عن نفسها بنفسها.. والأمة الناهضة الناشطة تقود نفسها بنفسها الى دروب تقدمها.. بل وتفوقها ولو استعارت أدواتها من سواها.
نعلم ما الإعلام.. وندرك أهميته الآن كما يدركون.. ولكننا لا نرمي بسلاحنا مهما كان هذا السلاح في أيدي من يعادينا.. او على الأقل في يد من لا يحرص على مصلحتنا حرصه على الهيمنة والسيطرة العالميتين على كل شيء حتى وسائل التعبير والتفكير.
وكما نعلم ما الإعلام.. نعلم سبيلنا الى تطويره وتحديثه.. والى جمعه عربيا في سياق واحد.. وإيقاع واحد.. وما التجارب التي يمر بها إعلامنا العربي.. بل الأخطاء التي يقع فيها إلا وسيلة من الوسائل التي توصلنا الى أهدافنا.. وما ذلك علينا بعسير ونحن نمتلك سواء في الأوطان ام في المهجر هذه القدرات والإمكانيات.. ويكفينا أننا نمتلك جميعا هذه اللغة البحر.. التي هي العربية.. والتي لا تغيب شمسها عن أي عربي مهما بعدت به المسافات عن أهلها وينابيعها الثرة.. ومهما أتقن من لغات أخرى في بلاد أخرى.