على الطرف الآخر, ثمة آراء, تتميز بالحدة في الرأي, والوضوح في الرؤية, بمعنى أنه يتم إعطاء الرأي في مسألة ثقافية معينة, بوضوح تام لا لبس فيه. ثمة كتابات أخرى, قابلة للتأويل, وتعتمد فيما تقدمه من رأي, على لغة مبهمة تجعل القارئ العادي المتابع للصحافة اليومية, يتيه فيها, ولا يصل إلى ما يمكن أن يعطيه خلاصة واضحة ورأياً محدداً, في هذا العمل أو ذاك.
والصحافة الثقافية -باعتقادي- لا تحتمل عبء منجزات النقد, ولا عضلات فرسانه, وهي فيما تعرضه من موضوعات, يعتمد على العرض الواضح والرأي البين والإيجاز المقبول, دون تحميل الموضوع ما يمكن احتماله, وهي في هذا, تختلف عن المجلات الثقافية المتخصصة, المعنية أصلاً بمدارس النقد, وبالبحث الأكاديمي المعمق.
على أن بعض أصحاب الفعاليات الثقافية, من كتاب وفنانين, كثيراً ما ينظرون إلى الصحافة, على أنها صفحات بيضاء تحبر بمنجزاتهم (العظيمة) وإن أي نقد يطالهم, هو خارج السياق المطلوب منها, وهو أمر غير دقيق, وكثيراً ما يرفعون في انتقاداتهم هذه, شعارات عريضة, وهي كلمات حق يراد بها باطل, الأمر الذي يدفع الصحفي إلى الانكفاء عن متابعة هذه الفعاليات, وعدم جعلها من الأولويات التي يعنى بها.
وهذا في مجمله يتطلب -كما يرى البعض- توصيفاً واضحاً للصفحات الثقافية, لكن المشكلة هنا, تكمن في عدم قدرتنا على توصيف الموصّف, وإلا دخلنا في متاهات المنظرين, وما أكثرهم.