تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 20/7/2004
نبيه البرجي
نعود أربع سنوات إلى الوراء..

ها ان أصحاب الأسنان الصفراء, والأصابع الصفراء, والعيون الصفراء في بعض أرجاء الغرب, يراهنون على ( السقوط الكبير) في سورية. ‏

إن طبيباً شاباً آتياً من مقعده الأكاديمي, وبعيداً عن تلك الأوديسه السياسية التي يعيشها الشرق الأوسط, على رأس الدولة التي ما برحت تشق طريقها (ودورها), ولو بالإبرة, بين الجبال إن لم نقل بين البراكين! ‏

كل الذين تابعوا تعليقات تلك الأيام في صحف كبرى, انتظروا حقبة من الاهتزاز في سورية. الآن, يسأل وليم سافاير: (من أين أتى بشار الأسد بتلك الحنكة?). وكان هذا المعلق بالذات قد بدأ يطلق الاشارات حول (الأيام الساحقة- أو السحيقة- في سورية). ‏

يتفادى الاعتراف بقوة الرجال, ليقول: (على الأقل يفترض أن ننتظر في هذه المنطقة الحد الأدنى من القضاء والقدر), مع انه, وهو الذي يكتب باللهجة التلمودية إياها, حاول الإيحاء بأن إدارة الأزمنة ليست مهنة العرب. العرب يمتطون اللحظة, وسواء أخذت شكل السلحفاة أم شكل الريح... ‏

الرئيس الشاب تسلم سلطاته الدستورية, فيما الطبول تقرع حول المنطقة, المسألة الآن لا تتعلق بتغيير الوجوه,أو بتغيير الأنظمة, إنما تتعلق بتغيير الخرائط. منذ العام ,1967 لم تتوقف اللعبة. وإذا كان الرئيس الراحل الكبير قد تمكن, بتلك الرؤية الفذة- والإرادة الفذة- من حماية سورية من التلاشي (وماذا يبقى من المنطقة إذا تلاشت سورية?), ليقيم معمارية سياسية واقتصادية قادرة على الصمود, فإن الرئيس بشار الأسد, وأخذاً بجدلية الأجيال, تمكن, بداية, من أن يثبت انه يمتلك مفهومه الفلسفي, والعملاني, للقيادة, وانه مثلما كان يفهم أباه, يفهم سورية ويفهم القارة العربية. بطبيعة الحال يفهم العالم.. ‏

الكل يعرف ما رافق المسار الذي أخذه قانون محاسبة سورية. المسار اللامرئي بطبيعة الحال, فالضغوط لم تكن لتقل هولا عن الخيار العسكري. لم يتراجع بشار الأسد خطوة الى الوراء, وهو الذي يدرك تماما كم تحتاج اللعبة السياسية, والاستراتيجية, في هذا العالم المعقد الى المثالية وكم تحتاج الى البراغماتية. ‏

لا أحد يستطيع القول ان المنطقة تجاوزت (المخاطر العظمى), ولكن بالتأكيد يمكن القول إن خللا عميقا حدث في الجدولة الزمنية للسيناريو الذي يبدو وقد راح يدور حول نفسه. أين بشار الأسد في هذا? منذ قمة بيروت كانت الأشباح تلعب لتدمير الحالة العربية بالكامل. وكلنا يعلم ما فعله الرئيس الشاب للحيلولة دون ذلك, وحتى بالنسبة الى قمة تونس التي بدت, في وقت من الأوقات, وكأنها أضحت أثرا بعد عين, كانت جهود الرئيس الأسد بالغة الفاعلية في حماية المؤسسة من الاضمحلال . ‏

ولعل الأهم من كل هذا أن الرئيس الشاب فاجأ الجميع , وقد صدم الاسرائيليين فعلا, حين قام بتلك المهمة الخارقة ببلورة حالة اقليمية تكرست, عمليا, لتفعيل المواقف في وجه الإعصار, بكل تداعياته, بعدما كانت الخطة تلحظ تفريغ هذه المواقف من ديناميكيتها. أجل, اننا أمام واقع اقليمي جديد أكثر قابلية للمواجهة بل وأكثر قابلية لتجاوز الاحتمالات بعدما أصبح صانعو السيناريو أنفسهم داخل تلك المنطقة الحمراء من الاحتمال. ‏

رجل أدرك, منذ اللحظة الأولى, أين هو, وكيف يعمل على مدار الساعة, من أجل تفعيل الدور السوري لأن أي وهن في هذا الدور يعني الضياع العربي الكامل مادام هناك من استساغ أن يجلس القرفصاء داخل الكارثة! ‏

بقيت سورية واقفة. بقي لبنان. المهمة أكثر من ان تكون شاقة. أيها الرئيس الرائع -رفيق عذابنا ورفيق حلمنا- إن عربا كثيرين, بل إن عرب العرب (وهم عرب المستقبل) يراهنون عليك.. ‏

 

 نبيه البرجي
نبيه البرجي

القراءات: 30383
القراءات: 30388
القراءات: 30381
القراءات: 30387
القراءات: 30381
القراءات: 30384
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30385
القراءات: 30384
القراءات: 30381
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30381
القراءات: 30396
القراءات: 30395
القراءات: 30382
القراءات: 30379
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30391
القراءات: 30383
القراءات: 30387
القراءات: 30384

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية