فكما كان متوقعا صوتت الولايات المتحدة ضد قرار الجمعية الذي يطالب اسرائيل بهدم الجدار العنصري, ووضعت نفسها على الضفة المقابلة في مواجهة العالم كله, وفي المقدمة بمواجهة من تسميهم بالشركاء والحلفاء الاوربيين الذين وقفوا الى جانب القرار المهدد بالفيتو الامريكي في حال طرحه على مجلس الامن الدولي .
على اي حال فالقرار يعد قرارا تاريخيا هاما, ويشكل انتصارا للعدالة الدولية ولمبادىء القانون الدولي يستمد قوته من عدالة القضية الفلسطينية, واهميته من كونه اعتمد من قبل اعلى مؤسستين دوليتين - محكمة لاهاي والجمعية العامة - بأغلبية ساحقة, بل انه يكاد يكون القرار الاكثر اهمية في تاريخ الجمعية العمومية خلال العقود الاخيرة الماضية.
وان اعتراض الولايات المتحدة على القرار لن يقلل من اهميته , كما ان تحدي الحكومة الاسرائيلية له بإعلانها المضي في بناء الجدار لايغير في واقع نظرة العالم الى ممارسات اسرائيل العنصرية, بل ان الاعتراض الامريكي والتحدي الاسرائيلي يؤكدان من جديد حقيقة خروجهما على القانون الدولي كما يؤكدان عزلتهما الدولية.
واذا كان المندوب الاسرائيلي في الجمعية العامة قد وصف القرار بأنه احادي الجانب, وبرر المندوب الامريكي تصويت بلاده ضد القرار بذريعة انه جاء متسرعاً ومنحازا فان ذلك هو ماينبغي على المجتمع الدولي مواجهته بقوة وحزم وعدم السماح بتمرير مثل هذه الاتهامات المرفوضة وغير المنطقية لعمل الجمعية العامة.
فاسرائيل هي آخر من يحق لها التحدث عن القرارات احادية الجانب وذلك بالنظر الى سياساتها والى استقوائها بسياسات الولايات المتحدة احادية الجانب كما ان الولايات المتحدة التي تعبر بمناسبة وبغير مناسبة عن انحيازها المطلق الى جانب اسرائيل هي الاخرى آخر من يحق لها الحديث عن القرارات المنحازة ذلك انها بانحيازها هذا وأدت عملية السلام التي كانت انطلقت بمبادرة منها علاوة على انها جعلت بسياساتها الداعمة لاسرائيل منطقة الشرق الاوسط منطقة غير مستقرة طوال العقود الخمسة الماضية.
واما فيما يتعلق بقولها انه جاء متسرعا رغم انه مطروح على المستوى الدولي منذ مطلع العام الحالي فلتنظر الى نتائج قراراتها الجائرة والمتسرعة التي اتخذتها خلال السنتين الماضيتين والتي حاول العالم كل العالم ثنيها عن اتخاذها, او في اقل تقدير عقلنتها دون جدوى ويأتي في مقدمة هذه القرارات الخاطئة شن الحرب الظالمة والعدوانية ضد العراق.
قرار الجمعية العامة سواء عارضته الولايات المتحدة ام لا, استخدمت الفيتو ضده في مجلس الامن ام لا , هو انتصار للشرعية والعدالة الدوليتين كما هو انتصار للقضية الفلسطينية ولنضال الشعب الفلسطيني الباسل ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم والزائل ولو بعد حين... وعلى الاسرائيليين والامريكيين العودة الى سجل نضالات الشعوب ضد المحتل واعادة قراءة التاريخ جيدا.