تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 22/7/2004
أنيسة عبود
طويل هذا الصيف.

كأن الزمان قد انحنى ‏

وكأن الوقت يرش دقائقه على الغبار ‏

ياه.. كيف تهرم الأزمنة ولا يهرم السلاطين? ‏

* * * ‏

الأنهار التي تحيط بقريتي تجتاز الزمن وتعبر التاريخ. ‏

التاريخ يرقب العابرين صامتا.. قد يضحك أحيانا, وأحيانا يبكي إلا أنه يرفض الحوار مع الواقفين على الضفاف. ‏

* * * ‏

تستطيع الأشجار أن تركض وراءك وأنت تبتعد, والزمان يبتعد. والمساء الذي كان على الطاولة يستطيع أن يختبىء في الكؤوس فهل تقدر أن تختبىء من نفسك المشلعة? ‏

* * * ‏

أحيانا: ‏

لا تعرف لماذا تنهض واقفا, تترك الجرائد تسقط من يدك, فترتطم الأفكار والرؤوس بالبلاط, تسمع دوي انفجارات الحروف.. تغمض عينيك قليلا لا تريد أن ترى نهر الدماء مجددا ‏

لكن عندما تفتح عينيك تجد أنك في مقعدك والجرائد تضحك في يدك.. من الذي فر من الحروف? ماذا يجري حولك? لا حول ولا قوة إلا بالله. ‏

* * * ‏

ها أنت على أبواب التقاعد. ‏

ترتب أيامك في الأدراج وتقف احتراما لعمرك الذي هدرته هنا على هذا الكرسي العتيق.. تستغرب لماذا تشيخ الكراسي وتتقاعد الكراسي ورئيس دائرتك لا يشيخ ولا يتقاعد. ‏

* * * ‏

ابتسم: ‏

إنهم يكذبون عليك. أنت تعرف ذلك.. كم هي مسلية تلك اللعبة. أنت تكذب عليهم وهم يكذبون عليك. ‏

تخطىء أحيانا الأمثال الشعبية. ‏

لكن في كل الأحيان تستطيع أن تقول: اتق شر من أحسنت إليه. ‏

عند ذلك يجب أن تتذكر قول الشاعر: ‏

إذا أكرمت الكريم ملكته ‏

وإذا أكرمت اللئيم تمردا. ‏

* * * ‏

هل أنت مثلي عندما تودع مدينة تترك قلبك على عتباتها? ‏

وقد تترك نظراتك معلقة كمصابيح على أشجارها? ‏

أنا ما قلت كل المدن.. المدن كالناس.. نحبها أو لا نقدر على صداقتها ‏

أنا قلت: المدن التي فيها الأحبة. ‏

* * * ‏

كان الصيف يأتي فتيا يانعا, يتدرج على البحر ويكتب -أسماء السهارى- على الرمل. ‏

كان الموج يمحو وكان الصيف يكتب. ‏

هذا الصيف لا يمحو ولا يكتب. إنه يتكوم في مقاعد المسنين ويتكىء على زمن عجوز ويرفض أن يغني مع الحوريات. ‏

* * * ‏

يقولون: التاريخ يعيد نفسه ‏

فهل يعيد الحب نفسه?! ‏

* * * ‏

أندهش من الأبواب كيف تقدر أن تستريح وتنغلق على أسرارها, تدخن الليالي وتشرب- زوفا الصمت- وقد ودعت لتوها الأحبة ‏

* * * ‏

لم يعد الوقت مناسبا للبكاء ‏

ولم يعد كافيا للفرح. ‏

انتبه.. لا تترك المدينة تضحك عليك.. كل أمثالك خاطئة وكل تجاربك بلا جدوى.. كن ابن هذا الزمان.. حيث لا يسألك: لماذا, وكيف? ومن تعاشر? ‏

بل يسألك: كم?! وأين تسهر وماذا تقتني.. عند ذلك قد يرفعون لك القبعة أو يطردونك. ‏

 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 30381
القراءات: 30388
القراءات: 30379
القراءات: 30388
القراءات: 30383
القراءات: 30384
القراءات: 30386
القراءات: 30377
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30387
القراءات: 30383
القراءات: 30384
القراءات: 30383
القراءات: 30388
القراءات: 30396
القراءات: 30385
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30384
القراءات: 30384
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30384

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية