فبرأيهم أنني إذ اكتب عن العلاقة بين الفن والسياسة, إنما أحاول إعادة انتاج خطاب انتهت صلاحيته مع إنتهاء عقد الثمانينيات, وذلك في ا لوقت الذي يسير فيه العالم باتجاه التحرر من الايديولوجيات.
صحيح أن حبرا كثيرا قد أريق في الكتابة عن هذه العلاقة, لكن الصحيح أيضا, أنه في الوقت الذي انتزعت فيه الفنون الاعتراف بهوياتها الخاصة, توضحت أكثر صلاتها بالسياسة وان لم تعد الأخيرة غطاء مبتدأ يستر عيوب الإبداع, إلا أنها ظلت الخبر الذي يتبخر دونه معنى الجملة..
فهل يظن أحد أن أفواج الزوار يؤمون بريطانيا استذكارا نوستالجياً لماضيها الاستعماري.. أم للاستمتاع بضبابها وهوائها العليل ومناخها المعتدل. أو حتى لاستيراد أحدث التكنولوجيات?
ببساطة, هم يحضرون إليها متأثرين بسطوتها الثقافية والإعلامية وراغبين بمعاينة الفخامة والعراقة اللتين ميزتا ما فيها من مسارح ودور أوبرا واستديوهات ومكتبات..
وتلاحظون أن هذا الحضور المعنوي إلى انكماش لعجز بريطانيا عن الاحتفاظ بموقع الريادة في الثقافة والفنون, ولكم أن تقارنوا هذا التراجع المعنوي مع مرجعية قرارها السياسي..
إذن ولأن لكل شيء علاقة بالسياسة, يقومون بضربات استباقية واحترازية في الميادين العسكرية والحروب الاقتصادية.. فمن باب أولى إن عجزنا عن الضربات أن نقوم بخطوات استباقية تضمن عدم إغلاق الأبواب أمام عبور الدراما السورية..
ليست محاولة للسباحة في المياه نفسها, بل محاولة لتتبع المجرى وصولا إلى المصب.